هل ستسرع الحكومة في اخراج السجل الاجتماعي من الانتظارية ؟

ذ . بوناصر المصطفى
من الواضح أن الحكومة ابدت ارتباكا في تنزيل ورش السجل الاجتماعي اذ انتظره المغاربة بترقب كبير ولم تحطه بما يكفي من ضمانات التسريع، رغم أن المصادقة على قوانينه تمت منذ ثلاث سنوات، ورغم أن السياق الاجتماعي المتوتر الذي نعيشه يفرض التعجيل بتنزيل الدعم الاجتماعي لامتصاص جزء من المطالب.
من المؤكد أن معالجة ملف معقد كهدا يتطلب مجهودات جبارة على المستوى القانوني والمؤسساتي والتقني والمالي والبشري، ويتطلب المئات من التدابير والدراسات لإعداد بنك معلومات شفافة وذات مصداقية المتعلقة بالفئة المستهدفة، لكن هذا ليس مبررا لكي تتجاوز الانتظارية ثلاث سنوات
يبدو جليا ان السلطات المعنية لم تتخذ اجراءات لتسريع الوتيرة حتى يرخرج الى النور قبل انتهاء السنة الجارية لان مزيد من التاخير سيحوله إلى مجرد سراب و سيفقد معناه ؟
إن الغاية من السجل الاجتماعي لايمكن حصرها في المساهمة في نقلة من العبثية في دعم وفر الريع لقطاعات اقتصادية واجتماعية معينة على حساب المواطن المهمش ، بل حماية الاستقرار الاجتماعي وضمان العدالة الاجتماعية من خلال استهداف مباشر للفئات الفقيرة والهشة، وحماية المسنين والعاطلين عن العمل.
لذلك إن تكريس الحكومة لهده الانتظارية في تنزيل الورش الملكي، لن يساهم فقط في إهدار الزمن السياسي والتنموي، وإنما يضيع على النظام الاجتماعي فرص تمتين الاستقرار في وجه المخاطر المحدقة ويضيع على الوطن فرص التطور والتقدم بالشكل والسرعة التي يريدهما الملك محمد السادس.
تحاول الحكومة اعداد مرسوما و سن تدابير مؤقتة تتعلق بالاستفادة من الدعم المباشر للنساء الأرامل في وضعية هشة الحاضنات لأطفالهن اليتامى، وذلك من أجل الملاءمة مع أحكام القانون المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات. ووفق مقتضيات المرسوم الحكومي فإنه يضمن استمرار استفادة النساء الأرامل في وضعية هشة، إلى غاية تاريخ تعميم التعويضات العائلية والتنزيل الفعلي للدعم المباشر للأسر الذي لا زال مجهول المصير.
لماذا تواصل الحكومة تكريس الانتظارية لاعتماد منظومة السجل الاجتماعي ؟
كيف سيتم تدبير توزيع الدعم المباشر المخصص للفقراء في ظل غياب معطيات ؟
هل تفتقد الحكومة لتصور واضح ام الى ان هو ارتباك في التنزيل ؟
لماذا لجأت الحكومة إلى اتخاذ إجراء استثنائي ؟
مند 2021 شرعت لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب، في دراسة مشروع القانون رقم 72.18 المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات، بعد المصادقة عليه من طرف مجلس المستشارين. ويهدف هذا المشروع، الذي قدمه الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، نور الدين بوطيب، إلى تحديد الفئات المستهدفة من جميع برامج الدعم الاجتماعي.
سيحدث بمقتضى مشروع القانون، سجل وطني للسكان على شكل بنية رقمية تحتية قوية ومتطورة ستكون قادرة على تجميع وتسجيل وحفظ وتحيين البيانات ذات الطابع الشخصي لجميع السكان على مستوى التراب الوطني، بمن فيهم الأجانب المقيمون بالمغرب والقاصرون والمواليد الجدد، كما سيمكن هذا السجل من منح معرف مدني واجتماعي رقمي لكل شخص مقيد به.
وشدد بوطيب أثناء تقديم القانون أمام اللجنة، على أن إعادة هيكلة منظومة تدبير الدعم الاجتماعي بما يتوافق مع الرؤية الملكية التي تروم «اعتماد معايير دقيقة وموضوعية، وباستعمال التكنولوجيات الحديثة» قصد الاستفادة من هذه البرامج،
يقتضي منح هذا المعرف الذي سيكتسي أهمية كبيرة لتحقيق النجاعة المرجوة، منظومة تدبير الدعم الاجتماعي أو الخدمات الاجتماعية، كونه سيستعمل كمعرف مدني موحد لطالبي الاستفادة من الخدمات التي تقدمها الدولة أو المؤسسات العمومية أو الجماعات الترابية بهذا الخصوص، وكذلك كرابط بين مختلف سجلات وقواعد معطيات هذه البرامج أو الخدمات.
وبخصوص محطات إنجاز منظومة استهداف المستحقين لبرامج الدعم الاجتماعي، فقد أبرز الوزير المنتدب أنه في ما يخص السجل الوطني للسكان، «فإن الدراسات تم القيام بها وأن الإنجاز قد بدأ حيث تم إطلاق طلبات عروض»، مشيرا إلى أنه في ما يتعلق بالسجل الاجتماعي الموحد فقد تم «إعادة طلبات العروض»، ولفت إلى أنه سيتعين بعد ذلك القيام «بتجريب هذه المنظومة في إحدى الجهات، لكن المشكل هو أن هناك انتخابات، مشيرا إلى أن دخول السجل الاجتماعي الموحد حيز التطبيق في جهة الرباط-سلا-القنيطرة «سيكون في بداية 2022»، وبأن الفترة 2023- 2025 ستعرف تعميم السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد على مجموع جهات المملكة.
وأشار إلى أن استخدام المعرف الرقمي المدني والاجتماعي كسبيل لتحديد هوية طالبي الاستفادة من برامج الدعم أو الخدمات الاجتماعية، سيقتصر على هذا النطاق الأصلي المحدث من أجله، وهو تحديد هوية الأفراد بنجاعة، ومنع إساءة استخدام الدعم أو الخدمات الاجتماعية، وتفادي الازدواجية، أو الحرمان من الخدمات الاجتماعية، أو وقوع أي احتي
كما اضاف أنه إلى جانب صعوبة تزييف البيانات البيوميترية كالبصمات أو قزحية العين، فإن إنتاجها وتخزينها رقما من شأنه تيسير الإدارة الفعالة وتدبير برامج الدعم أو الخدمات الاجتماعية، مؤكدا أن يكون واضحا أن الغرض الوحيد من تجميع وتسجيل وحفظ وتحيين البيانات بالسجل الوطني للسكان، هو توفير قاعدة رقمية مركزية ومؤمنة وصلبة، تشمل إلى جانب البيانات الديمغرافية كالاسم الشخصي والعائلي والعنوان، البيانات البيومترية كالصورة أو قزحية العين.
و سجل الوزير صلابة المعرف الرقمي المدني والاجتماعي وقوته،ستكون اضافة توعية للسجل الوطني للسكان وإطار عام لمنظومة تقديم الدعم أو الخدمات الاجتماعية وفق شروط معقولة ومتناسبة وشفافة»، مشيرا إلى أنه يبقى التقييد في السجل الوطني للسكان اختياريا للأشخاص، وإلزاميا للذين يريدون الاستفادة من برامج الدعم والخدمات الاجتماعية التي تقدمها الإدارات العمومية والجماعات الترابية والهيئات العمومية.
بموجب مشروع القانون هدا يصبح السجل الاجتماعي الموحد، آلية تقنية من أجل تنقيط الأسر بناء على البيانات الاجتماعية والاقتصادية الخاصة بها (كنوع السكن، عدد الغرف بالسكن، المصاريف السنوية المتعلقة بالماء والكهرباء والهاتف والغاز، وغيرها) والتي يدلي بها المصرح باسم الأسرة، علما أن التنقيط الذي يترتب عن عملية تسجيل الأسر بالسجل الاجتماعي الموحد من أجل الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي سيرتكز على مؤشرات ومعطيات تراعي المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية لهذه الأسر، مع العمل على تحيينها، بصفة دورية، وفق نتائج الأبحاث الميدانية التي تقوم بها المندوبية السامية للتخطيط لهذا الغرض.
اذ ينص مشروع القانون على إحداث مؤسسة عمومية تسمى «الوكالة الوطنية للسجلات» وتتمتع بالشخصية الاعتبارية وبالاستقلال المالي، فيقضي بأن تتولى هذه المؤسسة مهمة إدارة وتدبير جميع العمليات المرتبطة بالسجل الاجتماعي الموحد والسجل الوطني للسكان، كما تسهر على التشغيل الدائم والآمن للمنصات الرقمية من أجل توفير خدمات التقييد في السجلات، وتحيين البيانات الشخصية وتنقيط الأسر والتأكد من صحة البيانات الاجتماعية والاقتصادية المصرح بها من طرف الأسر، وتوفير خدمات التحقق من صدقية البيانات وتحديد قوائم الأسر المستحقة للاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي