Univers Bounaceur
فضاء الحوار ومنتدى الابداع

هل تهجر فرنسا شعارات الثورةالفرنسية إرضاء لطفلها المدلل ماكرون؟

 هل تهجر فرنسا شعارات الثورةالفرنسية إرضاء لطفلها المدلل ماكرون؟
مشاركة الموضوع

ذ . بوناصر المصطفى :

تعتبر الثورة الفرنسية من أعظم الثورات التي عرفتها البشرية، تركت ارثا عظيما كان مرجعا أساسيا لتحقيق مطالب الشعوب واندلاع جمرة الانوار لتصدر هدا اللهيب الى بريطانيا وبعدها الى روسيا

فهي من تجرءت على قطع راس “ملك الشمس” لويس السادس عشر لتطلق العنان لفلاسفة الانوار روسو منتيسكيو فولتير وديدرو .. لولادة فرنسا على يد نابليون او ما يسميه فلاسفة التاريخ الحرية على صهوة الجواد، بما يلغي قدسية الشخص ويعطي الشارة للجماعة، فتقلع موجة الديمقراطية لتجتاح العالم دون استثناء

اختارت فرنسا شعار “الحرية والمساواة والأخوة” كموروث عن عصر التنوير. لكنه تعرض للطعن إلا أنه فرض نفسه في النهاية في ظل الجمهورية الثالثة، وأدرِج في دستور عام 1958 وهو يمثل اليوم جزءاً من التراث الوطني حيث تم نقش هذا الشعار على المباني العامة بمناسبة احتفالات 14 يوليوز

الا انه في الزمن المعاصر بدأت فرنسا تواجه تحديات عدة نتيجة لقرارات غير مدروسة في تاريخها الوسيط او الحالي وكدا للمتغيرات الجديدة في العلاقات الدولية واجهتها اتخذت الحكومات الفرنسية المتعاقبة إجراءات للتصدي لهذه التحديات بطريقة غير متزنة ولا منطقية بالرغم من أن هذه الإجراءات قد أثارت بعض الجدل والانتقادات، أولا لكونها لا تستند إلى قيم ومبادئ الجمهورية الفرنسية سواء على مستوى سياستها الداخلية او الخارجية؟

فشعار الجمهورية الفرنسية: “حرية، إخاء، مساواة تقرر اعتماده في الجمهورية الثالثة يوم 14 يوليوز1880هي ذكرى اجماع الفرنسيين للمصالحة الوطنية  

بمشروع قانون تقدم به بنجامان راسباي كعيد وطني سنوي “

تجرى فيه تشجيع الاحتفالات العلمانية في المدارس، وتدشين نُصب الجمهورية وتوزيع الأغذية على المحتاجين، وإنارة الشوارع وقرع الأجراس ورفع الزينة

ايدانا بآمال جماعية، توفر للمواطنين فرصة الإجماع حول شعار الجمهورية الفرنسية: “حرية، إخاء، مساواة”

فهل لازال المواطن الفرنسي يستشعر هده القيم الخالدة كجزء لا يتجزأ من ثقافته ونضالاته؟  

شعارات فرنسا رسميا ما زالت تدعو للحرية والمساواة والإخاء، كعناوين لكنها أهمية العدالة والتسامح واحترام حقوق الإنسان لازال مغيبا على ارض الواقع

كقانون حظر النقاب والذي يعتبر انتهاكاً لحرية التعبير والدين، وكذلك بعض السياسات اتجاه الهجرة واللاجئين لا تخرج عن سياسة التمييز وعدم احترام حقوق الإنسان

شكلت كل الانتقادات التي وجهت للساسة الفرنسيين ضغطا لإعلان عن الشروع في تعديلات على الفانون الفرنسي الا ان بطئها وتأثيرها لازال جد محدود نظرا لتنامي صعود اليمين المتطرف كعينة غير معنية لا بالقيم الديمقراطية ولا بالثورة الفرنسية ولا بحقوق الانسان

اما على مستوى السياسة الخارجية بقيت فرنسا وفية لتلك السياسة القر وسطية في التعامل مع شركاءها وخصوصا دول افريقيا الفرنكوفونية.

فقد أسّست لنفسها إمبراطورية في أفريقيا منذ استيلائها على أجزاء واسعة من القارة، ونفّذت استراتيجيات وسياسات تؤمّن بقاءها الدائم فيها، لدلك راهنت في سياستها على الحكم المباشر وغير المباشر والاستغلال الموحش للطبيعة والبشر اعتمادا على ما أسمته بتامين الفناء الخلفي  

الا ان التدخل الفج في السياسات الداخلية للدول الافريقية تعددت اشكاله و تلاوينه مما اثار سخط بعض القادة الجدد فاتجهت فرنسا لإقناع الراي العام الدولي برؤى جديدة بطي صفحة الماضي وتبني سياسة متوازنة

الا ان فرنسا فقدت مصداقيتها نتيجة الوعود الفارغة، ونهج ازدواجية المعايير، كأسباب كافية لرفض السياسة الفوقية التي تمارسها الدول الغربية، وفي القلب منها فرنسا

 استمر خطاب فرنسا أكثر من   عقدين من الزمن وهي تعد بتغيير سياستها، لذلك استقبل الأفارقة زيارة ماكرون بمظاهرات في جل العواصم والمدن الافريقية تندد بدعم فرنسا لعملائها لتامين علاقاتها الاستعمارية الغير متوازنة

فتراجع فرنسا في افريقيا أصبح يهدد وضعها الدولي ودلك لافتقارها الى مبادرات عملية بل ظلت مرتبطة بنوايا تغلب عليها الأيديولوجيا الخبيثة وكواليس الملفات المفبركة (ملف حرية التعبير وحقوق الانسان في الاتحاد الأوربي الملف بجاسوس) والانقلابات الماكرة في مالي والنيجر وكل الدول الفرنكوفونية  

لم تبد فرنسا أي نية بعلان جدولة لإنهاء سياستها القديمة كما انها لا تملك أي رؤى عملية بقدر ما هي سياسة التنميط الملفوفة بالمغالطات الإعلامية

فالشعوب الافريقية ليست في حاجة الى الاعتراف بأخطاء الماضي بقدر ما تنظر ملامسة إرادة حقيقية في تغيير أوضاعها الحالية

– الى أي حد يمكن اعتبار هده السياسة الفرنسية متلائمة مع التحولات الاجتماعية والسياسية في ظل وضع دولي متأزم ببروز منافسين دوليين جدد على الساحة الافريقية لهم رؤى سياسية جد منافسة

– هل فرنسا مستعدة للمغامرة بوضعها الدولي إرضاء لشرذمة كولونيا لية لازالت لم تشبع نزواتها؟  

0 Reviews

إقرأ أيضاً ...

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *