Univers Bounaceur
فضاء الحوار ومنتدى الابداع

محطة تحلية ماء البحر بالمغرب اي تأثيرات محتملة على البيئة ؟

 محطة تحلية ماء البحر  بالمغرب اي تأثيرات محتملة على البيئة ؟
مشاركة الموضوع

رئاسة التحرير :

مند سنوات عانى المغرب من موجة جفاف شبه متواصلة كانت لها اثار ثقيلة على الاقتصاد الوطني لدلك توجه المسؤولون الى البحث عن حلول بديلة لمواجهة هده المعضلة حيث تراجعت حقينة السدود وفي الفرشة المائية الجوفية بشكل ملفت فكانت انجازمحطات تحلية ماء البحر أحد الخيارات التي تم التواقف حولها.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل لهدا القرار مضاعفات بيئية؟  

ضمن العشرين محطة لتحلية مياه البحر، التي تطمح الحكومة المغربية إنجازها في أفق 2030، تبقى محطة شتوكة آيت بها، التي دخلت مرحلة الاستغلال، بداية سنة 2022، هي من أكبر المحطات لتحلية مياه البحرفي منطقة المتوسط وإفريقيا، طاقتها الإنتاجية 400 ألف متر مكعب في اليوم من المياه المحلاة، سيتم تقاسمها بالتساوي بين مياه الشرب ومياه الري.

 المحطة تُستعمل بشكل كبير في العالم، بنسبة تفوق 65% و تستخدم تقنية التناضح العكسي

 اما إنشاء محطة الدار البيضاء تنطلق مرحلتها الأولى في منتصف سنة 2023، اعتمادا على التقنية ذاتها، ليبقى انجاز محطة آسفي في أفق 2025
في حين توجد مجموعة أخرى من المشاريع المماثلة في طور البلورة أو قيد الإنجاز، بكل من الجديدة، والناظور، والحسيمة، والعيون، وسيدي إفني، والداخلة، وطرفاية، وكلميم، ، علما أن المغرب كان سباقا الى  أنشاء  أول محطة لتحلية مياه البحر عام 1976 بطرفاية بطاقة إنتاجية تبلغ 70 مترا مكعبا في اليوم.
لقد اتفق كل المختصون على ان هذه المحطات أصبحت، ، خيارا لا غنى عنه في ظل الشح الواضح في الموارد المائية، الذي بات يعانيه المغرب في السنوات الأخيرة..

+ فماذا يقول الخبراء حول تحلية مياه البحر في بلدنا وما مدى تأثير ذلك على البيئة؟
لقد اعتبر الخبير المغربي جواد الخراز، المدير التنفيذي للمركز الإقليمي للطاقة المتجددة ، أن تحلية مياه البحر أصبحت بديلا مثاليا في المنطقة المتوسطية وليس في المغرب فقط، بسبب تداعيات التغيرات المناخية وتوالي سنوات الجفاف. 
فشح المياه اصبح واضحا في المغرب، وهذا يستدعي مضاعفة الجهود في ما يتعلق بالإدارة المتكاملة لموارد المياه، في شقيها المتعلق بإدارة الطلب على الماء وإدارة توفير مياه إضافية غير تقليدية . وشدد أن تحلية مياه البحر تظل خيارا مهما في ما يخص توفير مياه غير تقليدية، مضيفا أن هناك خيارا آخر لا يقل أهمية عن الأول، وهو معالجة المياه العادمة وإعادة استخدامها في الزراعة بالخصوص، باعتبار هذا القطاع الأكثر استهلاكا للمياه في المغرب، بحولي 80 في المائة من الموارد المائية،.
حسب جواد الخراز فإن تكلفة استخراج مياه عذبة من البحر لم تعد تتجاوز 0،30 دولار للمتر المكعب كمعدل عالمي الا ان انخفاض تكاليف إنتاج هذه المياه المحلاة  لن يعفينا من تجاوز  تكلفتها البيئية والتي تظل محل نقاش واسع بين المختصين.
ان آثار تحلية مياه البحر على المنظومة البيئية حقيقة لا يمكن إغفالها، لكنها ليست بالتهويل، الذي يتم تصوره.
فالخطر يكمن في  المياه المرتجعة – تلك المياه التي يُعاد رميها في البحر بعد الحصول على المياه النقية – لكونها شديدة الملوحة وتحتوي في بعض الأحيان على مواد كيماوية يمكن أن تشكل خطرا على المكونات البحرية وبهذا  تهدد البيئة البحرية من أسماك وشعاب مرجانية
في حين افاد المهندس باعلي الصغير والرئيس الوطني لجمعية الماء والطاقة للجميع ” أن الموارد المائية المعبأة من خلال الوسائل غير التقليدية كتحلية مياه البحر، كأي مشروع، تخضع لدراسات قبلية مرتبطة بالآثار على البيئة الاقتصادية والاجتماعية والأضرار التي يمكن أن تمس الإنسان والحيوان والطبيعة بصفة عامة، مؤكدا أن الآثار الجانبية لمحطات تحلية مياه البحر على المحيط البيئي هي واردة، ولكن يمكن التقليل منها من خلال العقلنة في الاستعمال، والمواكبة، والرصد، وإصدار نشرات منتظمة حول الوضعية الطبيعية لهذه البيئة.

 
اما الخبير المغربي في البيئة والهندسة المدنية وعلوم البحار عبد الرحيم الخويط، أن إنجاز أي محطة لتحلية مياه البحار يستوجب مراعاة جوانب تتعلق بدراسة التأثير البيئي لتحديد حجم التأثيرات، والعمل على تجنب الأضرار البيئية لعمليات تحلية مياه البحر، والتي غالبا ما تخلف زيادة في نسبة الأملاح في البحر، وبالتالي فتأثيرها على المنظومات البيئية أمر وارد، وجب معه البحث عن حلول بديلة للتخفيف من آثار زيادة نسبة الملوحة على المنظومات البيئية، وتحدد الدراسات الواجب إنجازها في الموضوع مكان إنجاز المحطة أيضا.
اذ أردف الخويط، الذي يتابع أبحاثه في كندا، في تصريح حول الموضوع، أن نسبة الأملاح المستخلصة من تحلية مياه البحر يكون لها تأثير على المنظومات البيئية بصفة عامة، وقد تظهر بعض الأعشاب والكائنات الحية التي تتأقلم مع زيادة نسبة الأملاح في منطقة معينة من البحر فيما قد تختفي أو تموت كائنات أخرى، بما فيها الأعشاب التي لا تستطيع العيش في بيئة مالحة إلى حد معين، وبالتالي فإن تأثير ارتفاع نسبة الملوحة في البحر، يغير طبيعة الحياة لدى المنظومات البيئية. 

في حين استبعد المستشار في الإعلام البحري والتواصل  حاميد حليم، رئيس مؤسسة المغرب الأزرق ، أي خطر لتحلية مياه البحر على البيئة البحرية، مشيرا في تصريحات أن خيار المغرب بإحداث محطات تحلية مياه البحر هو خيار استراتيجي وحكيم في مواجهة النقص الحاد، الذي تعرفه الفرشة المائية وانحسار التساقطات المنتظمة.
و أن معظم محطات تحلية مياه البحر بالمغرب تقع على الواجهة الأطلسية المفتوحة، ما يجعل من تأثير مخلفات هذه العملية “ضئيل جدا“، بفعل التفكك والتحلل والتبدد في كتلة المحيط الأطلسي وتياراته العنيفة..
ولفت حليم الانتباه إلى أنه لا خوف على الثروات البحرية وان حجم النفايات التي تقذفها الوحدات الصناعية بالمدن الكبرى في البحر تبقى “أكبر وأخطر” مقابل مخلفات المياه المستعملة في التحلية، التي تعود إلى البحر، والتي لا يكون لها تأثير كبير على التنوع البيولوجي للمحيطات، التي تحتوي على الملايين من العوالق وبيض الأسماك واليرقات والكائنات الحية الدقيقة الأخرى، التي تشكل جوهر السلسلة الغذائية البحرية، وبالتالي تكاد تنعدم هذه المخاوف من الآثار الجانبية لتحلية البحر على البيئة، لانفتاح المحيط على التيارات البحرية القوية. 
لكن يبقى موقف المنسق الوطني للائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة والخبير في مجال البيئة عمر الويدادي منفتح على  ابتكار حلول أخرى والرهان على البحث العلمي من أجل تدبير أفضل للعواقب البيئية الناجمة عن اللجوء إلى محطات تحلية مياه البحر.
وأوضح ان المغرب سائر في إرساء عدد من محطات معالجة مياه البحر، ومحطة أكادير تشتغل وقابلة للتوسيع في انتظار أن يتم تسريع بناء محطة الدار البيضاء والسعيدية والناظور، لأن الوضعية حرجة من حيث الموارد المائية المتوفرة.
وحذر الفاعل البيئي من أنه رغم التكلفة المالية المقبولة لتحلية مياه البحر، إلا أن الأثر البيئي حاضر، موضحا أن الحديث عن محطة معالجة مياه البحر يعني الحديث عن طرح نفايات في البحر تشمل كميات هائلة من الأملاح، وهذا التخلص، يضيف الويدادي، سيشكل مصدرا للتلوث، كما سيؤثر على التوازن للحاملات البيئية، وبالتالي التأثير على التوازنات الطبيعية.
وأضاف المنسق الوطني للإتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة، أن عند إرساء محطة معالجة يتجدد طرح الإشكال المتعلق بالتأثير على الكائنات البحرية من خلال النفايات الملحية، التي سيتم التخلص منها، بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة

وفي الإجابة عن سؤال :كيف يمكن التخفيف من أضرار تحلية مياه البحر ؟

أكدت عدة دراسات ومنها الدراسة التي انجزها معهد المياه والبيئة والصحة في كندا التابع للأمم المتحدة، نُشر سنة 2019، أن المياه شديدة الملوحة التي تفرزها محطات تحلية مياه البحر تسبب أضرارا على الحياة البحرية  في السواحل التي تشكل المورد الأساسي للكثير من الأشخاص الذين يعتمدون على الصيد البحري.
لم ينف الخبير المغربي جواد الخراز هذه الحقيقة، لكنه اقترح مقابل ذلك استحضار ثلاثة معايير أساسية، للتخفيف من هذه الآثار السلبية على المنظومة البحرية وهي:
-1العمل على تقوية التشريعات وتحيينها وتفعيلها، ومنها منع أي شركة تقوم ببناء محطة لتحلية مياه البحر أو تشغيلها من رمي المياه المرتجعة في البحر إلا حسب مواصفات معينة، مثلا الأنبوب الذي يقوم برمي تلك المياه يجب أن يكون داخل البحر على الأقل بمسافة 3 كيلومترات، بعيدا عن الشاطئ حتى لا يضر بالمواطنين.
-2  يجب على هذه الشركات أن تستعمل تقنية تشتيت تلك المياه المرتجعة على نحو لا يظل التركيز على منطقة محددة، لأن ذلك سيضر كثيرا بالبيئة البحرية، ومنها الأسماك، وبيض الأسماك والشعب المرجانية وغيرها من مكونات البحر..
-3 يجب على الدولة أن تفرض على الشركات المسيرة لمحطات تحلية مياه البحر معالجة أخيرة في المحطة قبل رمي تلك المياه المرتجعة في البحر، لأن ذلك سيساعد على تخفيف تركيز بعض العناصر الكيماوية حسب معايير دولية متعارف عليها قبل رميها في البحر.
وتطرق في هذا الصدد إلى الفرص الاقتصادية التي تتيحها هذه المياه شديدة الملوحة، موضحا أن هناك شركات كبرى ومتطورة تقوم بمعالجة المعادن الموجودة في المياه المرتجعة وإعادة بيعها من أجل استخدامات أخرى، أو استعمال تلك المياه المرتجعة في زراعة بعض الطحالب البحرية، مثل “سبيرولينا“، بمعني جمع تلك الطحالب وتجفيفها واستعمالها في إنتاج مواد للتجميل أو علف للأسماك..
ويمكن القول، أيضا، حسب المهندس الزراعي باعلي الصغير، إن الدراسة القبيلة لمشاريع إنجاز محطات تحلية مياه البحر تساعد في التقليل من الآثار الجانبية لهذه التقنية، إذ أوضح أن الخبراء والمهندسين، يعمدون، قبل الشروع في تحلية مياه البحر، إلى دراسة الموقع وملاءمته، ومعرفة التأثيرات الجانبية لتثمين التوازن المائي والاقتصادي والبيئي، ودراسة الجدوى المرتبطة باستمرارية المشروع بعد الإنجاز، وكذا دراسة القنوات لمد الساكنة وربطها بالشبكة المائية، ودراسة الموقع البحري الخاص بمستجمعات المياه، لضخها في اتجاه المحطة ودراسة المحيط البيئي للتأكد من مستوى التأثير على الكائنات الحية البحرية من حيوان ونبات…
كما يلجأ الخبراء لدراسة الآثار الجانبية لهذه التقنية، خاصة في ما يتعلق بمعايير التفريغ في البحر بالنسبة للمياه المستعملة التي تُقذف، كمياه الصرف الموجهة للبحر، وتكون ملوحتها كبيرة، وقد تساوي الضعف على ما كانت عليه، وفي هذه الحالة يتم التأكد من جميع المعطيات التقنية والكيميائية التي تعطي نسب الملوحة.
وهذه المياه التي تُقذف في البحر بعد التحلية يتم معالجتها قبل، والتأكد من مكوناتها على أنها مطابقة للمعيار المسموح به، ويتم توزيعها بآلات توزيعا منسجما على مستوى البحر، حتى لا يتم هناك تراكم أو كثافة كبيرة لهذه المواد في نقطة معينة دون غيرها حتى يكون التأثير ضعيفا جدا.
ولضمان جودة مياه البحر، يضيف باعلي، لابد من مواكبة هذه المياه التي تقذف من خلال القيام بتحاليل بشكل دوري مستمر ومنتظم، ويتم كذلك تحليل مياه البحر في نقط القذف ومدى تأثيرها على البيئة، وتنجز دراسات من حين لآخر حول الكائنات الحية لمراقبة هل هناك تراجع أم وضعية طبيعية للتكاثر
ويمكن القول، حسب الخبير نفسه، أن تكون هناك آثار جانبية لمحطات تحلية مياه البحر على المحيط البيئي، “فهي عموما واردة، ولكن يمكن التقليل منها من خلال عقلنة الاستعمال والمواكبة والرصد وإصدار نشرات منتظمة حول الوضعية الطبيعية لهذه البيئة.

 جل الخبراء الذين ادلوا بتصريحاتهم خلصوا إلى أن تحلية مياه البحر ليس بتلك السلبية التي تُصور للناس، مما يستدعي القيام بحملات توعية واسعة على وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، لتبسيط شرح تقنيات تحلية مياه البحر وطمأنة المواطنين بأن هذه المياه المحلاة نقية بشكل كامل وآمنة، وهي التي يعتمدها سكان عدد من مدن بلدان الخليج، مثل مسقط ودبي والرياض، في تروية عطشهم وسقي زراعتهم…
كما دعوا إلى إدخال موضوع تحلية مياه البحر في البرامج التعلمية، واعتماد التدرج، انطلاقا من أقسام الابتدائي، في التعريف بجميع تقنيات تحلية مياه البحر وإعادة استخدام المياه العادمة، في أفق الإعداد النفسي للأجيال المقبلة على تقبل هذه المياه غير التقليدية قدم الدكتور الخويط   نصيحة بإحداث هيئة خاصة أو خلق شركة وطنية لتحلية المياه للنهوض بهذا القطاع، داعيا إلى ضرورة الحرص على نظافة مياه البحر في أصلها، من خلال منع أي تلوث قد يلحق بها جراء الممارسات البشرية، سواء تعلق الأمر بالنفايات المنزلية أو المياه العادمة أو النفايات الصناعية

0 Reviews

إقرأ أيضاً ...

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *