في سوسيولوجيا مدينة الحمراء (03)…

توقيع محمد المصطفى الادريسي.
تكتسب الكتابة السوسيولوجية عن مدينة ما ،(مراكش نموذجا) طابعا خاصا ينبع أساسا من قدرة الباحث السوسيولوجي على التقاط الأشياء والحيوانات والوقائع والأحداث والظواهر الاجتماعية المميزة والملفتة للنظر العقلي السوسيولوجي.
هذا ما نروم فعله في الكتابة وفي المعالجة السوسيولوجية عن مدينة مراكش،في هذه السلسلة من المقالات.
إن هذه المدينة قد عاشت في دواخلي،وعشت في دواخلها،في دروبها وأحياءها العتيقة والعميقة،عشت طفولتي وصباي ومراهقتي وشبابي في أزقتها وصاباتها ردحا من الزمن.هذه المدينة التي أسعي إلي تقديمها للمتلقي/القارىء في هذه السلسلة الإعلامية،التي أتمني أن يستمتع بها القارىء المفترض/الافتراضي.
لقد جعلت من هذه السلسلة الإعلامية،موعدا مع مدينة سكنت عروق أهلها وساكنيها وزراء ريها،كما سكنوا(هم) احياءها وازقتها ودروبها ودورها ورياضاتها وفنادقها…مراكش ،تلك المدينة التي لها عيون نساء ورجال يحرسونها، تلك المدينة التي تتعطر لعشاقها القادمين إليها من وراء البحار ومن الآفاق البعيدة،تعانقهم بفنونها الشعبية وتراثها الشفاهي/اللامادي والمادي)وبابتسامتها الأبدية وبهجتها الأزلية التي تحمل مسحة حزن غامض وأفراح عفوية… مقالات ونصوص وشذرات هذه المساهمة مؤثثة بالدقة والموسيقى والرقص وقصائد الملحون المعتقة وحكواتي الساحة الشهيرة.،مؤثثة بالمعمار والتشكيل والنحت،مؤثثة بفنون العيش وفنون الفرجة وفنون القول… مؤثثة بالذكريات والتقاليد والعادات الأصيلة والمعتقة.
سوسيولوجيا مراكش،وضعت على عاتقها،أن تلتفت(وتهتم)إلى تراث الآباء والأجداد والسلالات التي تعاقبت على حكمها وتدبير شؤونها،وبالتالي تراث المغرب والمغاربة قاطبة، وثقافته الشعبية من أهازيج وأمثال وحكايات،وكذلك الأكلات والملابس والطقوس ذات الطبيعة الانتروبولوجية…الخ
تراث يعبر عن الهموم والأحزان،كما يعبر عن البهجة والأفراح المشتركة بين أفراد الشعب المغربي.
سوسيولوجيا المدينة الحمراء،في سعيها الاستراتيجي،
راحت تؤكد ابداعية وجمالية ذاك التراث وتلك الثقافة وهذه المدينة الأسطورية،المدينة التاريخ،من خلال ابراز مظاهر التمدن والتحضر (تامراكشييت -تامغرابيت)
سوسيولوجيا سعيدة تسعى إلى تسليط الضوء على فنون العيش/فنون الحياة في المغرب العميق ،في فترات تاريخية قد تطول وقد تقصر تعايش فيها أهل مراكش،والمغاربة أجمعين مع بعضهم البعض في سلم وسلام ، واسلام،في تناغم وانسجام روحي وجداني،تعايش يرصد كل الظواهر الانتروبولوجية والظواهر السوسيولوجية في مدينة الأفراح والمسرات ،مدينة الإلآم والأحزان،ذلك لان بين السوسيولوجيا وهذه المدينة هناك الكثير من القيم الفنية الجمالية والابداعية المشتركة،وكذا الطقوس والتقاليد والعادات الجميلة.
إنها إدن،حكاية/رواية مدينة،حكاية تاريخ وفنون وثقافة وتراث… إنها حكاية/رواية والسلام. حكاية-رواية تجعلك تبتسم وتفرح وفي نفس الآن تندهش تتعجب ؟ أ وليست الدهشة تبعث على التفلسف؟،تحزن لحزنها وتتألم لألامها وتفرح لأفراحها وفرحاتها المتنوعة والمتعددة.
سوسيولوجيا مدينة مراكش ستمنح للمتلقي فرصة،وتكون مناسبة حقة في أن يعيش مغربيته وتاريخه وحياته،وان يتعايش مع ثقافته وتراثه…الخ
وهذا ما يحاول ما يسمى بمشروع:”مراكش.. الحاضرة المتجددة”!!!!! طمسه وتغييبه بلمسات ترقيعية بعيدة كل البعد عن تاريخ المدينة وثقافتها وحضارتها.
إنها سوسيولوجيا سعيدة مثقلة بأحزان وأفراح مدينة زينب النفزاوية وابن تاشفين،قبل أن تكون مدينة سبعة رجال والكثير الكثير من النساء الفضليات-أمهاتنا وجداتنا-.
إنها إذن موعد حميمي وعاطفي مع الإبداع والفن والجمال..
(يتبع)