Univers Bounaceur
فضاء الحوار ومنتدى الابداع

فن ليس للبيع ؟

 فن ليس للبيع ؟
مشاركة الموضوع

ذ . ادريس المغلاشي

يعرف مهرجان تيميتار بأكادير إقبالا واسعا بالنظر لقيمة العازفين فيه خصوصا المجموعات الغنائية التي لها رصيد محترم لدى الذاكرة الشعبية ويكفي أن تزوره مثلا في حضور ازنزارن يكوت لتعرف قيمة وعشق الناس لهذه المجموعة كيف لا… وربانها وقائدها عبد الهادي الذي اعتبره شخصية عصامية عفوية تتربع على عرش الغناء الذي يحمل قضايا وهموم الناس وساهم بشكل كبير في نقل الظاهرة الغيوانية من مركزها بالدار البيضاء إلى عاصمة سوس حتى لا تبقى حكرا على نوع غنائي وحيد بل استطاعت بمبادرتها تلك أن تكسر القاعدة وتضع لبنة في الغناء باللغة الأمازيغية كظاهرة غيوانية .كما حافظ على الآلات الموسيقية دون عصرنة لإنه يؤمن بقوة الكلمة لا بآلات حديثة تحاول صنع جمالية اللحن لوحده على حساب المضمون .فهو حامل لرسالة ووسيلة وليس غاية في حد ذاته .ما يثير الانتباه كذلك أن يكوت عبد الهادي فنان بسيط يغلب عليه في جل الحوارات التي تابعتها التواضع واللغة البسيطة والعفوية مع قلة الكلام فكثيرا ما يعبر عن أحاسيسه بمعزوفات راقية صحيح أن الكثير تغنوا بأغانيه وقلدوه لكن قليل منهم من أتقنوا هذا الدور الصعب التقليد والمراس كما صرح بذلك اغلب الدارسين للظاهرة الغيوانية في شخص يكوت .يحكى والعهدة على الراوي. أن عزيز اخنوش حل ذات مرة بمهرجان تيمتار في لحظة تواجد مجموعة ازنزارن والتي عرفت حضورا فاق التوقعات بالنظر لما تتمتع به من شهرة ورصيد حب وإعجاب. والسيد رئيس الحكومة كعادته مع مستشاريه وكباقي انتهازيي السياسة يقتنصون فرص قطف الثمار سواء كانت فنية أو رياضية المهم أينما وجد البشر بكثرة فتم هناك سياسي انتهازي.

قدمت المجموعة أغانيها كما هي العادة بين اختيارات من تلقاء نفسها أو تلبية لبعض رغبات الجمهور الذي أصر على إضافة أغنيتين مشهورتين للمجموعة وهو ما تم بالفعل ونحن نعلم أن عبد الهادي في كثير من الأحيان يفتح حوارا تلقائيا مع الجمهور مكسرا البروتوكولات وهي عادته ليعطي الإشارة انه ينتمي للشعب وليس هناك فرق بينه وبين عامة الناس ممن يغني لهم لا يخاطبهم إلا بلغة يفهمونها .

عبد الهادي يكوت الفنان الملتزم بالقضايا الانسانية

انتهت الحصة المخصصة للمجموعة وفي الكواليس زار اخنوش المجموعة موجها التحية لأفرادها شاكرا لهم حسن صنيعهم ثم أخد البانجو قائلا لعبد الهادي الجمهور لا زال يطالب ببقائك ” عاود غني ليهم شي حاجة الله يرضي عليك زد …زد شي باركة ” رد عليه عبد الهادي بسليقته المعتادة وجرأته المعهودة ” انا كملت داك شي لي قدرت عليه. نوض انت نيت نقط ليهم شي حاجة …ماشي مشكل .” كان ردا مفحما لا تعقيب عليه . لأن يكوت عبد الهادي لا يخلط بين مجال اشتغاله والمجالات الأخرى .كثيرهم من يدعون الانتماء للفن بعدما احترفوا الاسترزاق فاغتنوا بشكل فاحش لدرجة اصبحوا مستفزين

.لكن من الخصائص الأساسية لهذه الفئة التي تشبه لحد بعيد في وجودها السرطان الذي يستهدف الساحة الفنية أنها بنفس قوة صعودها تتم عملية السقوط بل وبسرعة جنونية .لا يبقى من أثرها إلا النذر القليل رغم مراكمة اصحابها ثروة لا توصف. سرعان ما تختفي أسماء صانعيهاولايصمد في الواقع إلا المتميز الذي لا يقايض المبدأ بالمغنم ولا يشتغل ليبرر للسياسة المبتذلة حماقاتها ليدافع عنها بل لينتقذها ويفضحها ويصطف إلى جانب المواطن المغلوب على أمره.نماذج كثيرة لازالت قابضة على الجمر في ظل سباق محموم وواقع لا يرحم .ويكوت عبد الهادي مع مجموعته الرائعة تعتبر من الرعيل الذي قدم الشيء الكثير ولا زال صامدا يقاوم بالكلمة لأنه يعتبر الفن ليس للبيع بل للتذوق والإحساس والوعي برسالته

.ذ ادريس المغلشي .

0إعادة النظر

إقرأ أيضاً ...

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *