Univers Bounaceur
فضاء الحوار ومنتدى الابداع

فرنسا في دائرة الحرج الديبلوماسي

 فرنسا في دائرة الحرج الديبلوماسي
مشاركة الموضوع

ذ بوناصر المصطفى

منذ استقلال المغرب لم ترغب فرنسا أن تخلع ثوب البلد الإمبريالي ذو الجبة التقليدية ، وان تؤمن بان المغرب بلد مستقل ذو سيادة كما هو منصوص عليه في المواثيق الدولية ، وذلك باعتقادها بضرورة استمرار مفعول الحماية الاستعمارية  سواء كما ورد في شروط فرضتها لتوقيع وثيقة الاستقلال ،أو بفرض اتفاقيات تحت يافطة التعاون بين البلدين ، والتي تبتز فيها الاقتصاد المغربي بإعطاء أفضلية للشركات الفرنسية وحجر على الاستثمارات بوضع كيانات ومؤسسات ثقافية واقتصادية  تخدم مصالحها السياسية دون غيرها.

لكن أحرار الوطن كان لهم إصرار تجدر في وعيهم الجمعي ، وإرادة حقيقية  لتخليص البلد من هذه الوصاية فكانت في البداية  بسياسة التغاضي ونهج سياسة الترميم للتخلص من بعض القرارات السيادية ،وكذا فتح جبهات واضحة لتنويع شراكاته الاستراتيجية والمناداة للبحث عن خيارات بديلة تنافس فرنسا في مكانتها  المتميزة التقليدية بالمغرب، الشيء الذي تعتبره باريس نوع من العصيان والخروج عن الوصاية .

احداث دولية وبالتحديد الجائحة الكوفيدية قلبت موازين القوى بظهور قوى جديدة كالصين مثلا، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي ، وبروز صراع قوي نحو زعامة العالم والتسابق نحو أففيقيا ذلك المنجم الفريد  والسوق العذراء، لكن موقع المغرب الاستراتيجي كبوابة نحو هذه  القارة أهله لاختياره كأكبر حليف للتمكن من الانفتاح على هذه السوق والفوز بصفقاتها بالقوة .

لقد كان المغرب ذكيا في استثمار ربح رهان قضيته الوطنية الأولي وهي الصحراء المغربية أولا

إذ أن وقوف الديبلوماسية المغربية بالمرصاد بالاستمرار في الترافع عن قضيتها الوطنية داخل المحافل الدولية كمجلس الأمن ،أو دواليب الأمم المتحدة أو في محافل الاتحاد الإفريقي وبانفتاحها بالموازاة على الأسواق الأفريقية الناشئة ودعمها تقنيا واقتصاديا هذا  اكسبها دعما إقليميا وازنا ،فربحت ملفها السياسي ووزنها كزعامة صاعدة في منطقة شمال أفريقيا .

فباعتراف اغلب الدول بعدالة القضية الوطنية ،كانت توازيه فتح أفاق التعاون مع هذه الأسواق الإفريقية الناشئة  بسياسة  اكثر اعتدالا ” رابح رابح “،القرار الذي اغضب باريس كمستغل  أول لهذه الثروات الأفريقية ، مما دفعها إلى اختلاق ملفات لتني المغرب عن الاستمرار في سياسته : كبرنامج بيغاسوس ،أو اثارة قضايا تجارية في السوق الأوربية المشتركة تعاكس القضية الوطنية ، ومع الاستمرار في مشاكسات إعلامية أحيانا مدلة ، اختارتها الصحافة اليمينية الفرنسية لتشويه صورة المغرب ،واعتماد تقارير للمنظمات الدولية والتي لها اليد الطولي للتأثير ودفع المغرب لتغيير خياراته الجديدة خصوصا في علاقته بالولايات المتحدة وإسرائيل وإسبانيا وألمانيا .

لقد كان للاعتراف الرسمي للولايات المتحدة بالقضية الوطنية له وقع كبير في انتقال المغرب من ديبلوماسية الترميم والتغاضي أحيانا إلى ديبلوماسية الوضوح.

فقد عبر قائد البلاد محمد السادس نصره الله في اخر خطاباته بان مصالح المملكة : في الموقف المساند لوحدته الترابية ،لذلك كانت مواقف دول إسبانيا وألمانيا والولايات المتحدة اتجاه قضيتنا ، أكثر شفافية و جرأة من الموقف الفرنسي الحليف الاقتصادي والسياسي الذي تربطه بالمغرب علاقات تاريخية ، بينما مواقفها الديبلوماسية لا تتناسب مع حجم مصالحه المتميزة  بالمغرب ، فإلمامه الكبير بجميع الملفات العالقة لا تفسره مواقفه المتذبذبة المعاكسة لمصالح المغرب  ما دامت انتهازيته المقيتة راهنت على الحفاظ على  مصالحه في كل المغرب والجزائر على حد سواء.

– فلماذا هذا التعنت الفرنسي في المواقف ؟ ولماذا هذه الأساليب الشيطانية والكيل بمكيالين ؟

– لماذا لم تراجع فرنسا مواقفها الاستراتيجية اتجاه القارة العجوز؟ مع أن الجيل الجديد من أبناء القارة اصبح اكثر حضورا في الترافع للتحرر من الهيمنة الفرنسية ؟ واثارة حملة قضايا حقوقية ذات بعد انسآني إفريقي ضد الاستغلال الموحش وسياسة التفقير تحت غطاء

المساعدات الإنسانية .  

ألا يمكن أن تكون فرنسا خلف هندسة الصراع المغربي الجزائري ؟ مع أنها تبث تورطها في نزاعات افريقية قبلية ؟

لقد أدرك صناع القرار في المغرب بعدم جدوى الاستمرار في هذه الأزمة الصامتة لذلك فان اثارة ملف التأشيرات وعدم اتصال ماكرون بعاهل البلاد رغم وجوده بفرنسا لمدة من الزمن ،ليس إلا النقطة التي أفاضت الكأس، لذلك غادرت السفيرة الفرنسية الرباط في تستر شبه تام مدعية أنها في عطلة .

لم يعد خفيا على كل متتبع  أن هذه الأزمة الصامتة بين الرباط وباريس والسلوك المتدني  الصادر عن السلطات الفرنسية يعتبر جزء لا يتجزأ  من ركام خلافات تم تأجيلها بين البلدين.

 – هل يمكن اعتباره  صراع فرانكفوني أنجلوسكسوني دولي وزعامة اقتصادية ؟

  – هل يمكن الحديث عن أزمة ممكن أن تؤدي إلى بداية فك الارتباط مع هذا الحليف القديم ؟ لا يمكن لعاقل أن يفكر في هذه الإمكانية نظرا لثقل العلاقات القوية ولوجود مناعة ضد هذه المخاطر ، وكذا تجدر المد الفرانكفوني ؟ هذا الى جانب ثقل ووزن كل دولة في دائرة الأخر، بل هي فترة في العلاقات  تتعرض للفتور فالانتعاش ثم الصعود والهبوط. اي سحابة كمثيلاتها  في السابق على عهد فرانسوا ميتران تعرف المد والجزر.

لا شك أن اعراض الأزمة حاضرة ما دامت القضية هي مصيرية للبلدين فهل يمكن أيجاد هذا التصرف الغير الرشيد لفرنسا في فقدانها لمساحات كتراجع نفوذها في الشرق في الصومال  وفي الغرب  الأفريقي في مالي وكذلك في الأوسط سوريا ولبنان وليبيا أنها محاولة  إعادة تموقع جديدة ؟ ربما  محاولة حل معادلة تعددت فيها المجاهيل ؟

هي سقطات سياسية فرنسية صيغت في سياق العلاقات الدولية مما جعلها تبدو اكثر براغماتية أدخلتها في دائرة الحرج الديبلوماسي لا نها لم تعد قادرة للخروج بموقف واضح كإسبانيا وألمانيا ،ولا هي قادرة على التصريح بموقف معادي للمسار الأممي  لذلك مراجعة الموقف في اقرب الآجال اصبح ضرورة وان سلوكها الديبلوماسي يحتاج الحلحلة.

فهل سيطول هذا الصمت ؟ أم هو مجرد تريث للخروج بموقف جريء ؟

0إعادة النظر

إقرأ أيضاً ...

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *