Univers Bounaceur
فضاء الحوار ومنتدى الابداع

فرنسا المتغطرسة بين خيار مراجعة سياستها الافريقية وتراجع دورها الدولي

مشاركة الموضوع

ذ . بوناصر المصطفى :

دخلت العلاقات الفرنسية و الدول الافريقية في الآونة الأخيرة في حالة من التوثر ،لا يمكن للمتتبع تجاهله زاد من حدته مواقفها ونواياها المتناقضة مع تصريحاتها الرسمية.  

فثقل العلاقات التاريخية والثقافية بين فرنسا ودول القارة ، وطبيعة الاتفاقيات التي كبلت بها تنمية هده الدول ، كلها عوامل تركت القارة في مستنقع من الفقر والهشاشة وحتى بعد اعلان استقلال هذه الدول في النصف الثاني من القرن العشرين، استمرت فرنسا في الحفاظ على علاقاتها الخاصة معها، وسمحت لمسؤوليها التدخل في الشؤون الداخلية لدول وكانها مستعمرات لازالت تابعة لها.

في الظاهر تبدو العلاقات بين فرنسا والدول الإفريقية والمغرب علاقات متميزة مبنية  على الشراكة والتعاون الاقتصادي والثقافي على اعتبار أن فرنسا هي الشريك الأول للعديد من الدول الإفريقية في مجال التبادل التجاري والاستثمار.

لكن بظهور الجيل الجديد ، طفت انتقادات بشكل ملحوظ للعلاقة اللامتكافئة بين فرنسا و هذه الدول، تتمحورت هذه الانتقادات حول قضايا مثل الاتفاقيات الموقعة بيت الطرفين  ،وحشية  الاستعمار السابق والتدخل المباشر وغير المباشر في الشؤون الداخلية للدول، في تجاهل حقوق لمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان.

 الا ان فرنسا واجهت موجة هذه الانتقادات بالتجاهل و سياسة المراوغة أحيانا اخرى دون الحاجة الى مراجعة رؤيتها للعلاقات مع هذه الدول، والعمل على بناء علاقات متكافئة تستند إلى مبدأ رابح رابح، حيث يستفيد الطرفان من ثمار العلاقات بالتساوي. ويمكن أن يساعد ذلك في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لجميع الاطراف، وتعزيز الاستقرار والسلم في المنطقة بأكملها.

الا ان تعنت فرنسا في اتخاذ إجراءات ملموسة وإعادة بناء علاقات جديدة مع هده الدول ،فضلت طرقا ديبلوماسية اكثر خبث ودناسة بالتحريض على التضييق على هده الدول بملفات مفبركة ،كما فعلت مع المغرب في اثارة ملف حقوق الانسان ضد المغرب في البرلمان الأوربي.

كان لكشف هده الحقيقية قد وضع فرنسا في موقف حرج امام المنتظم الدولي ،مما سمح لمجموعة من الدول الافريقية باتخاذ تدابير جريئة كالانفتاح على دول تتطلع لموقع قدم في القارة كالولايات المتحدة روسيا والصين ..

خصوصا هده الاخيرة التي قدمت امتيازات مغرية كالعلاقات المتكافئة المبنية على تعزيز الحوار مع الدول الإفريقية والاستماع إلى مطالبها واحتياجاتها، والعمل على تحقيق المصالح المشتركة وإعادة بناء الثقة بين الطرفين والتزامها بالشراكة والتعاون الثنائي التركيز على التنمية الاقتصادية والاستثمار في هده الدول الإفريقية، وتقديم الدعم للتنمية المستدامة وتعزيز البنية التحتية والتكنولوجيا، والتركيز على توفير فرص العمل الجديدة وتحسين المعيشة فيها بتحفيز المساعدة الإنسانية في حالات الكوارث الطبيعية والأزمات الإنسانية، والعمل على تحسين الظروف الإنسانية وتقديم الدعم اللازم للفئات الأشد فقراً في هذه الدول.

الا ان فرنسا لم تستطع النزول من برجها العاجي في منأى عن منطق تاريخ استعماري لم يعد مقبولا في قاموس العلاقات الدولية مع ان فرنسا الدولة الوحيدة التي لا زالت تكرس تلك العلاقات المتكافئة في حين ان  

 “الحرية والمساواة والأخوة” شعاراتها تحمل النقيض

فهل تخلت فرنسا عن مبادئ الثورة الفرنسية؟

تخلت فرنسا عن العمل على تعزيز دورها الإقليمي والدولي بالتحديد بالقارة الأفريقية، وبدلك سمحت لدول اخرى لتنافسها في بناء شراكات واعدة ،ودعم الجهود في تحقيق التكامل الإقليمي وتعزيز امن هده الدول واستقرار المنطقة 

يبدو ان هدا القلق. بدا يحدث ، وإن كان بشكل غير واضح خصوصا مع سقوط مالي والتحول نحو المساعدة الروسية في بوركينا فاسو. كما اتتجهت الأنظار الى -المغرب- والتساؤل عن مال هدا التوثر الغير مسبوق ومعرفة ما إذا كانت ستقطع العلاقات مع الإليزيه، على الرغم من أن كثيرمن المحللين يراهنون على ان مع أن هذا مستبعد رسمياً، فإنه حدث بالفعل من نواحٍ كثيرة. فقد اتبعت نسق الكتب المدرسية لجارتها مالي التي اشتبك مجلسها العسكري مع ماكرون منذ اليوم الأول. حُظرت وسائل الإعلام الفرنسية بسبب تغطيتها للمعارضة (التي يطلق عليها دائماً “الإرهابيين” من قبل الحكومات العسكرية)، تلاها طرد الجيش الفرنسي.

إذا فعلا نجحت هذه الدول في الانفصال كليا عن قيود فرنسا وعلاقتها الاستعمارية مع الإليزيه فقد يكون لديها فرصة أفضل للتطور السياسي والاقتصادي.

تضاؤل مستعمرات فرنسا السابقة وانفلاتها يضطرها الى اعادة حساباتها

فاي دولة ستحل محلها حتماً كقوة مهيمنة؟ اهي روسيا الصين ام دولة اخرى ؟

0 Reviews

إقرأ أيضاً ...

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *