Univers Bounaceur
فضاء الحوار ومنتدى الابداع

عيد العمال ..!!

 عيد العمال ..!!
مشاركة الموضوع

مسرور المراكشي

كنت أود تهنئة عمال بلادي ب ” العيد ” العالمي للعمال ، والذي جرت العادة “الإحتفال” به في فاتح ماي من كل سنة ، لكنني وفي أخر لحظة تراجعت عن تقديم التهنئة للعمال ، لا لأنني أكره العمال بل العكس محبة فيهم و رأفة بحالهم ، ولا أريد المساهمة في خداع هذه الطبقة التي ينهض الوطن بفضل عملهم ، وذلك لعدة أسباب منها :

أن العيد يأتي بعد مجهود قدمه العامل طيلة العام ، والذي يمكنه جني ثماره في أخر المطاف !

لكن أيها السادة حدثوني عن ماذا كسب العامل المغربي البسيط ، بعد كده و تضحياته منذ استقلال البلاد إلى اليوم ؟ إنها خيبات متتاليات و تراجع مستمر عن الحقوق و المكتسبات !

لقد تمت سرقة صناديق تقاعد العمال التي ساهموا فيها بعرق الجبين ، و تم هضم حقوقهم في البر والبحر ، ناهيك عن الطرد التعسفي و المنع من الترقية وسن قوانين تحد من حرية العمل النقابي !

فكلما أعلنت الحكومة عن مشروع “إصلاح” لقطاع معين ، إلا وحدث العكس تماما حيث التخريب و التراجع عن كل مكتسبات العمال !

لقد تم ضرب النظام التعليمي باسم الإصلاح المزعوم ، كما تم تخريب قطاع الصحة و العدل ونظام الشغل برفع شعار الإصلاح كذلك.

لهذه الأسباب مجتمعة أعتقد أن الإحتفال بعيد العمال هو مجرد ضحك على الذقون ، وهو بالمفهوم المغربي ( الطنز العكري ) و احتقار عقول العمال وفهمهم ، لكن هناك مجموعة إذا احتفلت يجوز لها ذلك ، بل يجب عليهم الإحتفال و إظهار نعمة وبركة العمل “النقابي” ، وكذلك إظهار فضل أصحاب ( الحال) عليهم و رضاهم على هذه الزمرة المحظوظة..!!

إنهم بعض قادة النقابة المرضي عنهم من طرف السلطات ، و الذين استفادوا من من سخاء وكرم (أصحاب الحال) ، لقد جمعوا ثروة كبيرة من هذا العمل( النقابي) ، وبذلك انتقلوا ضمنيا إلى صف الخصوم التاريخيين للعمال أي ” لپاطرونا ” ، لقد زار صحفي فرنسي المغرب ، وذلك في عهد حكومة المرحوم عبد الرحمان اليوسفي ، حيث أراد إنجاز بحث حول الحياة السياسية المغربية ، وبحكم صداقته مع أحد قادة أحزاب المعارضة ، دعاه هذا الأخير إلى المبيت عنده في إقامته خارج العاصمة ، وفي الغد و بعدما شاهد فخامة و ضخامة السكن و كذا رغد عيش ، فكل أصناف الطعام حضرت فوق المائدة من فواكه البر والبحر ، لقد حكى هذا الصحفي كلام لخص به أحد أهم أسباب تدهور العمل النقابي والسياسي بالمغرب ، حيث قال : ” إذا كان قادة أحزاب المعارضة يتمتعون بهذا المستوى البرجوازي من العيش الرغيد ، فما بالك بمستوى عيش قادة أحزاب الأغلبية التي تدعم و تساند الحكومة..!! “

لقد عملت السلطات بشكل خبيث و ممنهج منذ زمن لتدمير العمل النقابي ، وذلك بتقديم رشاوي مبطنة لبعض قادة النقابات في شكل امتيازات كثيرة و إكراميات سخية ، طبعا دون تعميم فهناك نقابيون شرفاء أصحاب مبادئ و ضمائر حية ، لا يمكن إسكات أصواتهم الحرة بالتهديد أو شراء صمتهم بالمال ، لكن مع الأسف الشديد إنهم عملة نادرة و عددهم قليل وفي تناقص مستمر !

لهذا أطلب من العمال الاحرار !مقاطعة احتفالات فاتح ماي هذا العام ، وعدم المشاركة في هذه المسرحية السخيفة والسيئة الإخراج ، إن بقاء العامل البسيط في بيته مع أسرته الصغيرة ذلك اليوم أفضل ، و هو احتجاج راقي يعبر عن مدى وعيه و يقظته ، لأن المشاركة تعني تزكية واقع نقابي مزيف ، و المساهمة في تغييب وعي نقابي عمالي حقيقي !

وأنا شخصيا أعتبر هذه المهرجانات مجرد فلكلور وديكور مزيف ، يخفي واقع نقابي تنعدم فيه الحرية النقابية الحقيقية ، وما ضرب نقابة الإتحاد الوطني لطلبة المغرب إلا نموذج بسيط لهذا الواقع ، إن احتفالات فاتح ماي هي نشاط رسمي بامتياز ، حيث تحضرها شخصيات رسمية وزراء و “پاطرونا” و يغطيها الإعلام الرسمي ، لن يستفيد العامل البسيط من الوقوف في شمس حارقة لساعات ، وسماع خطب تتكرر كل عام لكن قد يكون الجديد فيها هو ضربة شمس ترسله للمستشفى ؟

لقد أصبح لكل حزب نقابة أو لكل نقابة حزب ، وبذلك ضاعت حقوق العمال و تمزق شملهم ووحدتهم ، وأنا أشفق على بعض المغفلين الذين ينتظرون من فاتح ماي الكثير ، كأن يحل مشاكلهم ويعيد لهم الكرامة و الحقوق المسلوبة !

أيها العمال لا تنتظروا شئ من فاتح ماي ولا فاتح يونيو …!

لأن النضال ليس بموسمي بل هو نضال يومي ، فأين غابت أغلب النقابات منذ تنصيب حكومة “لپاطرون ” ، لقد عانى الشعب من جحيم الأسعار الملتهبة ولا زال يعاني منها ، أين التعبئة للمقاطعة و الإعتصامات أين البيانات النارية أين الدعوة للإضراب العام الوطني و النزول للشارع ، كما تفعل النقابات الحقيقية و الجادة في فرنسا ، حيث خاضوا معارك قوية مع حكومة ماكرون رفضا لمشروع التقاعد !

فهل ينتظر الشعب المغربي نقابات الكهف هذه كي تستيقظ في كل عام يوم واحد ..؟ ، لقد تم حشر الشعب المغربي في زاوية ضيقة ، وذلك بعد ضرب العمل السياسي بتزوير مفضوح في انتخابات 8 شتنبر ، كما تم شراء صمت أغلب النقابات منذ تولي ” الپاطرون ” تسير الشأن العام ، فأصبح الفقراء “كالأيتام في مأدبة اللئام” ، فلم يبقى في الساحة لا حزب ولا نقابة لحماية ظهر الشعب من صياط الأسعار ، طبعا دون تعميم ولا تيئيس لان الخير لا ينعدم في هذه الأمة إلى قيام الساعة .

لكن ومع ذلك علينا استخلاص العبر فكم من فاتح ماي مضى منذ استقلال البلاد إلى اليوم ؟

وكم من فواتح ماي سيتمر في المستقبل..؟

هل تغير حال العمال في الماضي أو سيتغير في المستقبل الجواب مع الأسف لا !

بل أوضاع العمال المادية و المعنوية ازدادت تأزما ، والسبب هو توقيع بعض النقابات ميثاق السلم الإجتماعي سرا ، و الذي يعني منح هدنة نقابية لمصاصي دماء الشعب كي يمتصوا دماء العمال قطرة قطرة ، ببساطة بعض النقابات ( باعو الماطش ) و قبضوا ثمن صمتهم عن ظلم العمال …

خلاصة : _ إذا احتفل العمال في أوروبا فهم أهل لذاك الإحتفال و يستحقونه ، لأنهم يتمتعون بكل الحقوق النقابية تقريبا ، حرية نقابية تعويضات معقولة رواتب محترمة ، ليس هناك طرد تعسفي خارج القانون ، بحيث تجد عمال أوروبا يقضون عطلهم السنوية في ميامي هايتي سنغافورة طوكيو ، وهذا يبين الفرق الكبير في دخلهم ومستوى عيشهم ، لكن العمال البسطاء في المغرب من نوع ” بوزبال ” ، يقضون عطلهم الصيفية في بويا عمار و مولاي ابراهيم بويا احمد و لالة تاكركوتست..، باستثناء بعض قادة النقابة أو القطط السمان الذين يقضون عطلهم الصيفية في برشلونه وباريس زيوريخ..اللهم لا حسد ، طبعا دائما دون تعميم يا (لعميم ) .

وفي الأخير نقول للعمال المغاربة امبارك لعواشير يا لمزاليط وكل عام وأنتم “مقولبين ” أو فرحانين..????????
أنشر دفاعا عن العمال المغاربة ✌????✌????✊????

مسرور المراكشي
2023 / 4/ 23

0إعادة النظر

إقرأ أيضاً ...

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *