زعماء مجموعة السبع في هيروشيما تلغي خلافاتها وتضع التصدي لروسيا والصين ضمن أولوياتها

ذ . بوناصىر المصطفى :
اتفق قادة دول مجموعة السبع على اختيار عقد اجتماعهم في هيروشيما، كمدينة كانت ضحية ذلك القصف الهمجي بالقنبلة الذرية سنة 1945، كما قرروا البحث عن تدابير لضبط الأسلحة النووية كرد على تهديدات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باللجوء الى الاسلحة النووية في الحرب الأوكرانية ، أسباب كانت دافعا للقادة السبع لترك خلافاتها مؤقتا!
فكانت النقطتان الاساسيتان في محورهده القمة:
1–مواجهة روسيا بتعزيز العقوبات عليها
2–التصدي لـلمارد الصيني في ذلك “القسر الاقتصادي”
فإلى أي حد يمكن اعتبار هده الاختيارات حاملة لدلالة ولرسالة الى من يهمه الامر؟
ام هي محاولة تقييم ومراجعة لسياسات غلب عليها التهور على الحكمة في القرار؟
لقد أرسل قادة مجموعة السبع رسالة قوية إلى روسيا بدعوتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي
للمشاركة في القمة عبر الفيديو.
في القمة عمد قادة الولايات المتحدة، اليابان، ألمانيا، فرنسا، المملكة المتحدة، إيطاليا وكندا للظهور كجبهة موحدة لمواجهة روسيا والصين، والتركيز على مسائل استراتيجية أخرى ،حتى ولو لم تعتمد دولهم حيالها على الدوام مواقف متشابهة.
اذ هيمن على جدول أعمال القمة الحرب في أوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي، تخللته مناقشات حول الوضع في ساحة المعركة، جاءت في مداخلة مستشار الأمن القومي الأمريكي جايك سليفان،
محاولات الولايات المتحدة وحلفاؤها تكثيف دعمهما لحكومة كييف بالأسلحة، وأوضح ساليفان أن المناقشات لابد ان تتركز حول تشديد العقوبات على روسيا ،والتي اعطت حسب قوله إلى انكماش الاقتصاد الروسي في الفصل الأول من عام 2023.و بشكل مواز البحث في سبل منع الالتفاف على العقوبات التي لن تسمح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالاستمرار في تمويل مجهوده الحربي في أوكرانيا.
كان الاجماع على التنديد بشدة بتهديدات بوتين المتكررة باستخدام السلاح النووي في الحرب في أوكرانيا، كمحاولة لإضعاف تصميم الأوروبيين والأمريكيين على موقفهم الداعم لكييف.
وفي هدا الصدد تم تسليط الأضواء على مخاطر هده التهديدات بجدولة زيارة القادة السبع لحديقة هيروشيما التذكارية للسلام ولموقع ألقاء القنبلة الذرية الأمريكية في 6 آب/ أغسطس 1945، تكريمًا لذكرى الضحايا الـ140 ألفا الذين سقطوا في هده الحرب المدمرة.
ليأتي الدور على المحور الثاني في القمة للمناقشة ، الا وهو سبل التصدي لابتزاز اقتصادي تمارسه بكين، من خلال تنويع الإنتاج وشبكات الإمداد، في وقت أبدت الحكومة الصينية استعدادها لفرض قيود على التجارة.
جاءت مداخلة رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك لتعتبر ان الصين تشكل تحد أكبر في العصر الحالي، فيما يتعلق بالأمن والازدهار العالميين، وأنها تمارس الاستبداد بشكل متزايد في الداخل والخارج”. وفي بيانين صدرا عن القمة، أوضح قادة أغنى سبع ديمقراطيات في العالم موقفهم من القضايا الخلافية مع بكين، مثل النفوذ في منطقة المحيطين الهندي والهادئ ووضع تايوان
الا ان الجزء الأهم من الرسالة قد ركز على ما أسموه “الإكراه الاقتصادي”، الذي تمارسه الصين. لكن من الصعب بالنسبة لدول مجموعة السبع التصرف بتوازن مع بكين.
لان اقتصاديات هذه الدول أصبحوا في السنوات الأخيرة محتجزين بالاعتماد على الصين بشكل ملفت خصوصا مع تزايد المنافسة معها وكذلك الاختلافات حول العديد من القضايا ومنها حقوق الإنسان.
بكين ليست خائفة من فرض عقوبات تجارية على الدول التي استاءت منها، فقد شملت العقوبات كوريا الجنوبية، بعد أن حصلت سيول على نظام دفاع صاروخي أمريكي، كما فرضت عقوبات أيضا على أستراليا خلال فترة العلاقات الباردة الأخيرة
شكلت بعض قرارات الصين منع دخول الصادرات من ليتوانيا، والسماح لتايوان بإنشاء سفارة فعلية هناك. لذا فمجموعة الدول الصناعية السبع انزعجت مما رفع من منسوب القلق لديها باستخدام الصين نقاط الضعف الاقتصادية كسلاح ، وقالوا إن هذا الإكراه الاقتصادي لا يهدف فقط إلى تقويض السياسات الخارجية والداخلية ومواقف أعضاء مجموعة السبع، بل يمس جميع الشركاء في أنحاء العالم ،لدلك كانت الدعوى إلى إنهاء “المخاطر، وهي السياسة التي دافعت عنها فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية.
الا انه من الملاحظ ان هذه السياسة أكثر اعتدالا من فكرة الولايات المتحدة عن الانفصال عن الصين فكانت مجموعة من قرارات مجموعة السبع اعتبروها أكثر صرامة منها:
– تنويع مصادر التجارة، وحماية التجارة والتكنولوجيا.
– أطلاق منصة تنسيق لمواجهة الإكراه والعمل مع الاقتصادات الناشئة، لكن يلف الغموض حول كيفية عمل ذلك بالضبط، فمن المحتمل أن نرى البلدان تساعد بعضها البعض من خلال زيادة التجارة أو التمويل للتغلب على أي عوائق تضعها قد الصين.
– التخطيط لتعزيز سلاسل التوريد لسلع مهمة مثل المعادن وأشباه الموصلات، وتقوية البنية التحتية الرقمية لمنع القرصنة وسرقة التكنولوجيا.
لكن أكبر استراتيجية يخططون لاستخدامها ضد الصين هي ضوابط التصدير متعددة الأطراف. وهذا يعني العمل معا للتأكد من أن تقنياتهم، خاصة تلك المستخدمة في الجيش والاستخبارات، حتى لا ينتهي أمر تلك التقنيات في أيدي جهات ضارة، فالولايات المتحدة تمارس هذا فعليا، من خلال حظر تصدير الرقائق وتكنولوجيا الرقائق إلى الصين، وانضمت إليها أيضا اليابان وهولندا.
اكدت مجموعة السبع أن مثل هذه الجهود لن تنقذ فحسب، بل ستستمر في التصعيد أيضا، على الرغم من احتجاجات بكين. كما قالوا إنهم سيستمرون في اتخاذ إجراءات صارمة ضد “عمليات النقل غير الملائمة” للتكنولوجيا المشتركة من خلال أنشطة البحث.
لقد سجلت الولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى قلقها بشأن التجسس الصناعي وسجنت أشخاصًا متهمين بسرقة أسرار تكنولوجية لصالح الصين
رغم كل هده القرارات والخطط الا ان مجموعة السبع لا يريدون قطع الحبل مع بكين، حيث لم يذكر الكثير في حديثهم حول الإكراه الاقتصادي باسم الصين، في محاولة دبلوماسية واضحة لعدم توجيه أصابع الاتهام مباشرة إلى بكين، بل كانت الدقة في انتقاء الكلمات.
لقد سعوا إلى اسلوب استلطاف بكين، قائلين إن سياساتهم “ليست مصممة لإلحاق الضرر بالصين ولا نسعى لإحباط التقدم الاقتصادي والتنمية في الصين. لم يكونوا “ينفصلون أو يتحولون إلى الأمور الداخلية. لكنهم مارسوا أيضا ضغوطا على الصينيين للتعاون، قائلين إن الصين الصاعدة التي تلعب وفقا للقواعد الدولية ستكون ذات فائدة عالمية. ودعوا أيضا إلى المشاركة “الصريحة”
في الوقت الدي انطلقت قمة مجموعة السبع، استضافت الصين اجتماعا موازيا مع دول آسيا الوسطى ، الا ان مجموعة السبع أعلنوا عن خطط أخرى بشأن استثمارات ضخمة في الدول النامية.
ان دعوة القادة العسكريين والمسؤولين الدبلوماسيين بينهم ستة رؤساء سابقون القوى النووية على طرح خلافاتها جانبًا وبحث تدابير لضبط الأسلحة النووية تضفي على هده القمم حالة من الارتباك والبهرجة الفارغة مادامت الآمال ضعيفة في تحقيق تقدم على هذا الصعيد في ظل التوتر المتصاعد مع قوى نووية أخرى مثل روسيا وكوريا الشمالية والصين.
لقد صرح كيشيدا الذي تتحدر عائلته من هيروشيما وواحد المنتخبين عن المدينة انه يأمل، في اغتنام القمة لحض قادة الدول الست الأخرى ولا سيما الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا التي تملك معًا آلاف الرؤوس النووية، على التعهد بلزوم الشفافية بشأن مخزونها وبالحد من ترساناتها.
فما هي حظوظ نجاح قمم في ظل استمرار التوتر والتكتم حتى داخل المجموعة نفسها ؟