Univers Bounaceur
فضاء الحوار ومنتدى الابداع

جدل طرد فرنسا للداعية المغربي حسن ايكوسين

 جدل طرد فرنسا للداعية  المغربي حسن ايكوسين
مشاركة الموضوع

ذ . رئاسة التحرير

الامام حسن ايكوسن

قرار السلطاتُ الفرنسية طرد الإمام المغربي حسن إيكويسن،أخدت حيزا مهما من الأخبار الدولية والمحلية على أن يبقى موعد  تحديد لتنفيذ ذلك، بيد أن وزير الداخلية الفرنسية جيرالد دارمانان، قال قبل أيام إنه سيتم ترحيله قريباً من الأراضي الفرنسية، في الوقت الذي باشر فيه الإمام ذو الأصول المغربية إجراءات قضائية من أجل الطعن في قرار الطرد.

إذ  تتهم السلطات الفرنسية  الإمام بأنه مقربٌ من جماعة “الإخوان المسلمين”، وتطالب بقرار طرده  تحت مبرر توجيهه دعوات إلى الكره والعنف؛ خصوصاً في حق الجالية اليهودية بفرنسا وهو ما يتنافى مع مبادئ العلمانية والمساواة بين الرجال والنساء

وكان ردُّ الداعيةِ المغربي سريعاً، حيث كتبه في صفحته على “فيسبوك”، بالقول: “يُؤخذ عليَّ اليوم أنني أدلي بتصريحات تنطوي على تمييز وربما عنف، الأمر الذي أرفضه بشدة”، قبل أن يضيف:

“أثق في القضاء الفرنسي بهدف إلغاء قرار الطرد”

لم يكن الناشط الإسلامي حسن إيكويسن الحامل للجنسية الفرنسية، قبل أن تُسحب منه، معروفاً من طرف الجمهور الواسع في فرنسا، أو حتى في المغرب؛ لكن قرار الطرد الجديد ة خلق ضجة إعلامية جعل الكثيرين يهتمون بحياة هذا الرجل، ويتساءلون عن قصته بالتحديد؟.

ولد حسن إيكويسن في فرنسا ، يبلغ من العمر 57 عاماً، ، من عائلة أمازيغية مغربية، أب لخمسة ، أطفال وبفضل قناته على “يوتيوب”، التي يتابعها زهاء 170 ألف شخص، وامتلاكه مهارة في التواصل عبر التواصل الاجتماعي عبر صفحته على فيسبوك” التي تشمل 42 ألف مشترك ويقيم في منطقة لورش

سبق للإمام ذي الأصول المغربية أن تعرض لشكوى قدمها المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في    فرنسا سنة 2004، إلى اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا، بتهمة إلقاء خطب كراهية ضد اليهود، ونشر أفكار معادية للسامية

 حيث اتهمت الصحافة الفرنسية أن عائلة حسن إيكويسن تعتبر -وفقها- أحد قادة جماعة الإخوان المسلمين في فرنسا، و قاعدة خلفية هائلة في المنطقة ، وذلك كله بتواطؤ مع السلطات المحلية، كما يشتبه في تورط شقيقه سفيان إيكويسن، في العديد من عمليات الاختلاس، التي تم ارتكابها بين عامَي 2013 و2017

 وبهذا تكون فرنسا قد أطلقت عهدا من الحرب المقدسة  

إذا كانت الدولة الفرنسية تضمن العيش المشترك مع الحفاظ على خصوصيات الاختلاف إيمانا بالقيم التي تربى عليها ردَّ الإمام المغربي على جميع هذه الاتهامات؛ بنشره مقاطع فيديو ، يُظهر من خلالها أنه لا يحرض ضد العلمانية، وأنه ليس ضد مبادئ الجمهورية الفرنسية التي تربى عليها ، من قبيل قوله في إحدى الندوات: “تحيا العلمانية إذا كانت تعني ممارسة كل شخص في فرنسا حريته الدينية.

من جهتها، كشفت محامية الإمام المغربي، مي لوسي سيمون، لوكالة “فرانس برس”، أنها تدرس الطعن في قرار الطرد أمام المحكمة الإدارية بباريس، والإحالة إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، مبرزة أن مناصب ومداخلات موكلها كانت دوماً لصالح العلمانية والمساواة بين الجنسَين وقيم الجمهورية الفرنسية، وضد كراهية اليهود والأجانب، قبل أن تردف: “نشعر بالقلق من أنه إذا عاد إلى المغرب؛ فإن مواقفه السياسية ستعرض حياته للخطر”، في إشارة إلى إمكانية اعتقاله وسجنه في المغرب.

ويعلق الدكتور إدريس الكنبوري، الخبير في الجماعات الإسلامية، على هذا الموضوع بالقول:

 إن هذه قضية فرنسية أولاً؛ لأن الإمام المطرود أدلى بكلامه فوق التراب الفرنسي، واتهامه بالتحريض على الكراهية جاء بناء على القانون الفرنسي؛ لأن فرنسا تعتبر أي حديث عن اليهود في القرآن مثلاً تحريضاً على الكراهية، وقد تعتبر حتى المواقف الدينية المعتدلة نوعاً من التطرف.

ويرى الكنبوري أن المغرب لا يجرم الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين، مثل العديد من الدول الأوروبية؛ ولذلك فإنه غير معني بهذه التهمة الموجهة إلى الإمام المذكور، كما لا يوجد في المغرب قانون ضد التحريض على الكراهية بالمفهوم الأوروبي.

القضية هي مرتبطة أكثر بالجانب السياسي ، وليس بالجانب القانوني في ما يتعلق بالمغرب ؛ حيث قد يدفع هذا المعطى المغرب إلى المزيد من التعاون الأمني مع باريس في مراقبة الأئمة المغاربة

من جهته، يقول الباحث الأكاديمي عبد الرحيم شهيبي: “إن خطابات الكراهية ليست وليدة اليوم؛ لكنها تكون خطيرة حين تنبني على أساس عرقي أو ديني، فقد تسببت في حروب على مدى التاريخ

 فعدداً من الفقهاء والخطباء المسلمين يلجؤون إلى خطابات الكراهية، خصوصاً تجاه اليهود؛ لأن كتب التراث الإسلامي التي ينهج منها الفقهاء تعج بنصوص معادية لليهود.

ويكمل الأستاذ شهيبي، إن الذي يعتبرونه مسؤولاً عن هذه الأفعال يجهلون بأن الفقهاء والخطباء المسلمين وغيرهم يبحثون عن الآخر النقيض .كل المشكلات والتراجعات التي تعانيها وغالباً ما يكون هذا النقيض هو اليهود، لعدة اعتبارات:

 أولاً لأن هناك تاريخاً طويلاً مشتركاً من النزاع بين المسلمين واليهود منذ بدايات الإسلام.

 ثانياً، لأن اليهود يجرون وراءهم تاريخاً طويلاً من معاداة السامية التي عانوا منها في مختلف البلدان التي كانوا يعيشون فيها،

 والاعتبار الثالث، مرده إلى التطورات التي يعرفها صراع الشرق الأوسط بين الإسرائيليين والفلسطينيين؛ حيث ترتفع خطابات الكراهية كلما ارتفعت حدة التوتر بين البلدين.

رابعاً، وهو أن الفقهاء والخطباء المسلمين يعتبرون أنفسهم مدافعين عن المقدسات والأراضي الإسلامية، وبالتالي يستهدفون اليهود الذين يتهمونهم بمحاولات الاستيلاء على المسجد الأقصى وقبة الصخرة بالخصوص، بالإضافة إلى أن أغلب الفقهاء والخطباء ناشري خطابات الكراهية مُسيسون، ويعبرون عن أفكار الجماعات السياسية أو الدينية التي ينتمون إليها؛ مثل “الإخوان” والسلفية والحركات الجهادية.

أسباب انتشار خطابات الكراهية في أوروبا

أن خطابات الكراهية التي يتهم الفقيه المطرود وغيره بنشرها ، تجد الأرض الخصبة في أوروبا، لعدة عوامل:

 الأول أن مناخ حرية التعبير منفتح بشكل كبير ، ورغم أن البلدان الأوروبية لديها حساسية كبيرة ضد خطابات الكراهية ومعاداة السامية؛ فإنها لا تتحرك إلا بعد فترة طويلة من التتبع.

والعامل الثاني يمكن حصره  في كون المستهدفين بهذه الخطابات هم من الدرجة الأولى من المهاجرين من بلدان إسلامية، خصوصاً من الأجيال الحالية التي لديها مشكلات في الاندماج ضمن المجتمع الأوروبي؛ نتيجة الرفض والانغلاق اللذين يبديهما المجتمع الأوروبي نفسه تجاه ثقافات أخرى، وينظر إليها نظرة التحقير والتهميش ، فالانفصام في التربية التي تلقاها هذا الجيل، بين التربية الصارمة المغلفة بالدين، التي فرضها الآباء المهاجرون على فروعهم، وبين التربية المدنية التي تفرضها الدول المستقبلة في مدارسها التي يرتادها أبناء المهاجرين.

إن هذه المشكلة الاجتماعية التي بات يعانيها الجيل الحالي من المهاجرين؛ يدفعهم ليكونوا فريسة سهلة لخطابات الكراهية والتطرف.

– فهل الدولة الفرنسية قد انخرطت في حرب معلنة لمحاصرة الوعي ألإسلامي على ارضها ؟

 – أم هي ملفات تختلقها لفتح جبهات لكسب امتيازات اضافية أو للتستر عن فشلها في الإدماج المجتمعي ؟  

0إعادة النظر

إقرأ أيضاً ...

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *