تقييم التقييم في مسلسل تقويم الصحة النفسية بالمغرب؟

ذ بوناصر المصطفى
إذا كانت الصحة بصفة عامة ،والصحة النفسية على وجه الخصوص هي عنصر محفز على وجود اي كائن ، فان غيابها يعني المساس بحق مكتسب كونيا واخلاقيا ، لذا حددت الأمم المتحدة والمنظمة العالمية للصحة على العاشر من أكتوبر من كل سنة للاحتفال باليوم العالمي للصحة النفسية وهي حسب منظورنا محطة للتقييم الفعلي للسياسات العمومية في القطاع الصحي .
وفي هذا السياق نظمت المنظمة المغربية للوحدة الوطنية، ندوة تحت شعار أي تقييم لمقاربة الدولة لموضوع الخلل النفسي والعقلي بمراكش بقاعة المجلس الجماعي، حضرته مجموعة من المكونات من مختلف القطاعات أطباء نفسيين و واطر من الوزارة الوصية ومجتمع مدني مختص ،وذلك رغبة في تقويم الخلل والإكراهات، والاتفاق حول توصيات لمعالجة وتجويد الخدمات المقدمة للساكنة.

ونظرا لأهمية هذا الموضوع والحساسية والثقل الذي يحمله ،يستدعي أن نعطيه ما يستحقه من الاهتمام والدراسة المستفيضة بالحضور الوازن للمسؤولين في القطاع لذا لابد من تقديم بعض الملاحظات :
على مستوى الشكل :
– 1 إيمانا من كون موضوع الصحة النفسية قد اصبح هاجس التأمت حوله كل المكونات المجتمعية ،فكان بالأحرى ان توليه الجهة المنظمة ما يستلزمه الطرح الجاد ، كأيام دراسية وليس فقط ندوة ،فالأزمة التي اصبحنا نعيشها في تردي متنام للقيم ،والإحباط نتيجة السياسات العمومية، ورداءة الحقل العمومي جميع تمظهراته ،وغياب شرطي المسؤولية واحيانا التأهيل العلمي للوصي عن أي قطاع ، كلها عوامل كفيلة باننا اصبحنا نحن كذلك مرضى نفسيين بالقوة.
كان مثلا غياب المدير الجهوي للصحة عن الحضور وارتجال المداخلات من الوزارة الوصية قد اعطي إشارة عن تقصير اتجاه معضلة ،أصبحت تمس ليس فقط هؤلاء المرضى النفسيين بل تهدد حياة المواطنين نظرا للعدد الذي يشكله المختلين عقليا بالشارع العام.
فالصحة النفسية ليست مقتصرة على الأطباء بل هي شان مجتمعي، بل يعني بالدرجة الأولي السياسيين في وضع استراتيجية واضحة للصحة .
-2 نظرا لرغبة الهيئة المنظمة في رفع التوصيات، وقناعة منها بقيمة المداخلات خصوصا من بعض الأطباء النفسيين ،كان بالأحرى توثيق كامل لمجريات هذا اللقاء حتى لا يتم اقصاء أي مداخلة من المساهمة في هذا النقاش الوطني.
على مستوى المضمون : اعتقد أننا لا زلنا نتعامل مع تيمات اللقاءات بنوع من الجفاء ،فعندما نعتمد إحصائيات وأرقام تعود إلى 2006-2007 في أعداد الخلل العقلي والنفسي بالمغرب ،وهذا دليل على أن غياب البيانات الغير محينة ،سوف لن تزيد الطين إلا بلة ، وبالتالي يصبح التسويف ومال وارتجال وصفة جاهزة.
فالتقييم قاصر وغير مجد ما دامت قاعدة البينات لا تتوفر على مقاربات مندمجة تعتمد دراسات أكاديمية
1- سيكولوجية تحدد التوصيفات في المرض النفسي، وتفند تلك الرؤية النمطية عن المرض النفسي
2- سوسيولوجية تعالج إشكالية التضامن المجتمعي وظواهر التفكك واستقلال الأسرة من وظائفها …
3- واعتماد سياسات وتدابير اجرائية للوقاية الأولية من كل ما من شانه تعطيل وظائف العقل
كمحاربة المخدرات … ثقافة الهاتف المحمول .. العطالة..
ألا يستحق فتح هذا الورش بمقاربة مندمجة لان 26 في المئة من حالات الاكتئاب أصبحت تدعو للقلق في حين ان المعدل المعتمد من طرف منظمة الصحة العالمية يجب ألا يتعدى 8 في المئة.
فقلة المؤسسات في الجانب النفسي ،وقلة الخريجين ،والأطر، والأطباء، وغياب التحفيزات في ظروف عمل لا تشجع على الاشتغال بأخلاق ومهنية ،كغياب شبه كامل للوجيستيك ،والمراقبة الأمنية ،وكاميرات لمراقبة سلوك المرضى ..
كما أن عدم إشراك الأطباء وأهل التخصص في مشاريع تنزيل المشاريع الاستشفائية يشوه هندسة ووظيفة البنايات بحيث لا تستجيب لمتطلبات الفترات العلاجية وتعوق المهمة الاستشفائية .
في الحقيقة يبقى اعتماد الالتقائية في معالجة أي موضوع كالاهتمام بالصحة النفسية للتلاميذ لمحاربة ظوهر العنف والوقاية القبلية وتحسين عيش المواطنين والمواطنات بسياسة تنموية حقيقية كفيل بتحقيق الأهداف والمحافظة إلى الصحة العقلية.
ذ بوناصر المصطفى
2 Comments
مقالة في المستوى تحتاج الى المتابعة والتحليل
شكرا على عبق مرورك