تعابير بيانية بليغة من المدرسة الرافعية المصرية

ذ .مولاي المهدي الفاسي الإدريسي:

هذه جملة منتخَبَة من بديع التعابير اللغوية البليغة التي تُبرز من جهةٍ الوُسْع الجمالي الذي تمتاز به العربية في التعبير عن موقف خاصٍّ أو عن حالة مُعيّنة، كما تبرز من جهة ثانية عمق هذه التعابير التي كانت مغلّفة في طيّات الكتب تنتظر من يخرجها إلى عالم الناس ليطّلع عليها الباحثون والدارسون والطلبة ومحبّو هذه اللغة المُعظَّمة عمومًا، وللأمانة العلمية فقد اخترنا لكم من بلاغة المدرسة الرافعية في البيان العربي، هذه المدرسة التي يترأَّسها “الجاحظ الثاني” بعد أن لُقِّب به لأوّل مرّةٍ أبو الفضل ابن العَميد في القرن الرابع الهجري، ونقصد به في عصرنا إمام البيان والأدب مصطفى صادق الرافعي رحمه الله تعالى، من كتابه ” رسائل الأحزان”.

هذه التعابير في الأصل مُجتزَأة في جملتها من هذا الكتاب، نتناول مادّتها الجِذرية المعجمية فقط، ونفسّرها وفق المعجم العربي البياني، لتقريبها من فهوم قَرَأَتنا الأماجد سهلةً مُيسّرة في التوظيف الاستعمالي.

التعبير الأول مع سؤاله الإشكاليّ:
هل ينتَفِخ النّهار؟

أوّلا في بادئ الأمر يبدو هذا السؤال غريبا، فلو سألت عامة الناس عن “انتفاخ النهار”، لقالوا بلسان واحدٍ كيف للنهار أن ينتَفِخ؟! والحقيقة أن “انتِفاخ النهار” هو تعبير عربي قُحٍّ فصيح وبليغ، فماذا تقصد العرب به؟
انتفَخَ النَّهار هو اقترابُه من زمن الظُّهْر بساعة واحدة، فذلك هو انتِفَاخ النّهار.

التّعبير الثّاني مع سؤاله الإشكاليّ:
فلانٌ هَشِيمَة نفسه أو هَشِيمَة الجود، كيف للإنسان أن يكون هشيمة؟ والهشيمَة هي الشيء المكسور أو المجزوء.

فلانٌ هشيمَة نفسه أي هو طيّب جدا، وبلغة العصر يُقال فلانٌ “على نيّاته”، وأما قولهم: هو هشيمَةُ الجود والكرم أي أنّ كرمه كثير جزيل إلى غاية أنّه لا يرد سائلا يطرقُ بابه، فكأنّ الناس يستعملونه لقضاء حاجاتهم كيف شاؤوا، ويمكن القول في هذا أن “هشيمة الجود” للأسف الآسف يستغلُّه الناس كيفما أراد الناس.

تعابير متباينة بيانيا:

“راثَ” قليلا أي أبطأ، يقال راثَ الإعلانُ عن نتيجة الاختبار أي أبطأ الإعلان عن إعلانها.

“أَكْدَى” البطلُ في الحرب اي انهزم وخسِر.

“أَوْجَرَه” على شرب الدواء أي كلَّفه شُربه.

وهنا نَثْنِي عِنان القلم ونُمسك .

والله أعلم و أعظم وأعلى وأحكم جلّ في علاه

أخوكم مولاي المهدي الفاسي الإدريسي جواني تلميذ الشيخ الإمام سيبويه العصر مولاي أحمد أبا عبيدة المحرز رضي الله عنه وأرضاه وبارك الله لنا فيه ورحمه رحمة واسعة .

وعضو الهيئة العلمية لمؤسسة ابن تاشفين للدراسات والأبحاث والإبداع ..كرسي البلاغة القرآنية والتفسير البلاغي وعلوم النقد والأدب وعلوم تقويم اللسان العربي العام والخاص .