تطلعات حول تصور مندمج لوسائل النقل في المستقبل؟

رئاسة التحرير
من الطبيعي أن تشهد كل القطاعات تطورا، وتبقى وسائل النقل العام احد القطاعات التي المطلوب منها مسايرة الركب مع الخضوع لمعايير الجودة رغبة في الرقي بالخدمات المقدمة للمواطن بصفة عامة والشباب على وجه الخصوص بهدف تيسير سبل الراحة ، وكدا تقليص اكراهات ظاهرة التمدن بشكل عقلاني ومدروس نتيجة ارتفاع منسوب تلوث الهواء بشكل مهول مع ما اصبح يشكله من تهديد لصحة الإنسان .
فالزيادة السكانية ضاعفت مساحة المدن بشكل غير عقلاني عكر صفوة الجو وطقس الحياة ، فاحتقان المدن بالسيارات،جاء نتيجة حتمية لرغبة الشباب في الاستقلالية واعتماد السيارات الخاصة كإحدى أنماط التفكير الحر، مما سبب مضاعفات نفسية في تدبير سيولة حركة السير والجولان في فضاءات لن تستجيب لتفريغ هذه السيولة لعدة اعتبارات أولها .التصميمات المسبقة لمدن قديمة لم تراع لتهيئة مفتوحة للمجال ،وكذا طغيان الدراسات المرتجلة …
كثيرة هي التجارب في شتى أنحاء العالم، من الدول الاسكندنافية إلى إسبانيا ومن الولايات المتحدة إلى المملكة المتحدة، ومن إسرائيل إلى سنغافورة ،فقد سعت في محاولات لا يجاد طرق بديلة للتنقل ، كتشجيع المشي أو ركوب الدراجات أو بعض الوسائل الأخري المبتكرة ، أو حافلات ذاتية القيادة أو حافلات عبر جهاز التحكم .
ان طغيان تكنولوجيا الطاقة الكهربائية واعتبارها محرك وبديل أساسي في التحول الحضاري، قد كرس الاستقلالية في مركبات التنقل، مما ضاعف النزيف بين المدن والقرى ،فبقى الإنسان قد حدد غايته ،وظلت عملية التطوير والتحديث وسيلة في إطار الاجتهاد والبحث المستمر،
لا زالت الأبحاث متواصلة والاجتهادات جارية لحل أزمة الاختناق هذه سواء باستغلال الفضاء التحت ارضي أوتجهيز الفضاء بخلق مركبات معلقة، فالدراسات المستقبلية في سباق مع الزمن ،لإيحاد حلول مندمجة اعتمادا على التقنيات المتطورة والبرمجيات الحديثة ،لرسم مدينة حديثة ،ونقل جماعي امن ،يراعي الخصوصية المحلية ويستجيب لكل طلبات الساكنة سواء كان في المدن الكبرى أو في القرى .
لقد ظل الاختناق المروري هاجس ومشكل مطروحا بقوة في عملية التنقل وربح الزمن عند فئة كبيرة من الشباب ، ما دامت النظرة الاحادية لدى الباحث أو المهندس هو التركيز فقط على حل أزمة السيولة المرورية.
لكن التحدي الكبير والهاجس الذي اصبح يقلق مضجع الشباب على وجه الخصوص والساكنة عموما هو الاكتظاظ المزمن والضوضاء المقرف ، مما ينعكس سلبا على نفسية الشاب ويزعج راحته بزيادة منسوب التوتر.
فرغم وجود دراسات ذات جدوى باعتمادها على الذكاء الإلكتروني، تبقى النتائج متعثرة في غياب عمل مشترك، مما يزكي حالة الإحباط أحيانا ،مع أن التركيز على عالم خالي من الاختناقات المرورية أصبحت رؤية غاية في الأهمية ، ويبقى الكثير للوصول للأهداف المرجوة بحلول اكثر استدامة وملاءمة .
لذا بات الرهان لدى الشاب هو التخلي عن السيارة الخاصة للتنقل وسط المدن ،نظر لتكلفتها سواء الزمنية والمادية واللوجستية، رغم أن مجال تحسينه اعتمادا على مجموعة من التطبيقات الذكية ، كما أن ظهور جيل جديد من وسائل التنقل البديلة كالدراجات الكهربائية اصبح واقعا حتميا لذى اغلب الشباب ، فجل الاحصائيات أتبتت أن نسب ة لا يستهان بها من الشباب وجد راحته في هده المركبات سواء بقيادة واقفة أو جالسة ،لأنها تجنب الاحتكاك والمجهود وإفراز العرق، لكن يزداد التنافس بين الدول بمرور الزمن ،لتيسير الرحلات والتنقل سواء باعتماد أسلوب الإيجار، وتزويد المركبات بأنظمة الجي .بي. اس، يمكن تركها في أي مكان واستعمالها من طرف شخص اخر.
لقد اكتفت الأبحاث العلمية بإيجاد الة نظيفة بيئيا ومشتركة وعمومية ،تعتبر الحل الأمثل للحصول على بيئة صحية ، واقل احتقانا بوجود وسائل نقل مشتركة ، بالإضافة إلى اعتبارها اقل احتمالا لحوادث السير، مع أن يبقى أمام هيئات السير والجولان مواجهة إكراه احتمال استيعاب الأرصفة والشوارع لها.
لم يكن احداث نوع من التكامل في الأنظمة لمواكبة الابتكارات التكنولوجية في مكاتب دارسات الأبحاث والدراسات الاستراتيجية ، إلا بالتركيز على التقليص من وسائل النقل التقليدية ،حتى ولو كانت كهربائية و صديقة للبيئة ،حيث انخفض الطلب بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة بتحول الشباب إلى وسائل اخرى اقل كلفة في الزمن والتكلفة كالسكوتر، التروتينات ، أو عجلات تعتمد على الشحن .
في ظل هدا الوضع لم يعد الشباب ينظر إلى السيارة الذاتية القيادة ،كوسيلة تعبر عن مكانة اجتماعية ، بقدر ما هي مجرد وسيلة خدمة تحت الطلب ،وبدلك استطاعت الشركات تقليص نفقاتها بمليارات الدولارات سواء في التسويق والعلامات التجارية ،وبدلك ركزت استثماراتها بالتركيز اكثر على المحركات الهجينة و شركات مشاركة .
كما اهتدت شركات صناعة السيارات لرؤى مستقبلية للمركبات الذاتية القيادة، يمكن تطويعها لتلبية حاجيات الساكنة والشباب كالنوم أو العمل أو مشاهدة الأفلام أو الاستماع للموسيقى وتضم مقاعد متقابلة ومتحركة ميسرة وطيعة .
تركز الاهتمام لمستقبل المركبات الذاتية القيادة أن التشغيل الألي يقلص من مشكل الاحتقان المروري وتوفير المزيد من الوقت باستثماره في القراءة والاستمتاع بالموسيقى والدردشة مما يسهل على الشباب عملية الاندماج المجتمعي .
لم تفلح الاجتهادات والتصورات في حل معادلة بين المخيل واكراهات الواقع نظرا لكون اكراهات الواقع جمة ،فالبنيات التحتية هي استجابة لتصور خاص ، فالترام اصبح متجاوزا ربما الميترو يمكن تحسين ظروفه وزيادة عدد العربات بطريقة اكثر مبتكرة ،لن يحتاج فيها الشاب للانتظار والاحتكاكات ،أو استغلال العمق الأرضي واستثماره في توسيع وإغناء تهيئة المجال وكذا استغلال قطارات خاصة بالمسافات البعيدة أو استغلال الفضاء كالقطارات المعلقة .
لكن متطلبات مخيال الشباب يحاول غالبا تجاوز كل الإكراهات جملة وتفصيلا، فكل الأجهزة المتطورة من رادارات وكاميرات وتقنيات متطورة ..لكن تكلفتها جميعها باهظة ،إن في الأبحاث أو في التنفيذ والإنجاز، ويبقى الرهان البحث عن أجهرة بديلة أمنة مندمجة قابلة على الاستشعار عن بعد، وبتملك جميع بيانات هده الأجهزة وكيفية تحديد المسؤولية في حالة وقوع حوادث السير، والتي أصبحت تشكل حربا حضرية تستنزف الطاقات البشرية كالشباب المتهور والدي بات اكثر عرضة فعوض أن يكون عنصر قوة اصبح عالة اجتماعية على المجتمعات الحضرية .
قد نذهب بمتخيلاتنا بعيدا ، فهل ننجح في نسج نظام فعال متكامل يحقق السعادة والأمن ،فتصبح وسيلة النقل مجرد وسيلة عمومية نحيا فيها حياة اجتماعية راقية ؟بإعادة تخطيط مدن نموذجية تراعي خدمة الإنسان .
ربما اعتبر شخصيا أن النقل العمومي أو كل ما هو اجتماعي يحتاج إلى تكثيف الاستثمار فيه بشكل جدي ،ووضع الربح في اخر الترتيب ،وفتح الباب للأفكار تحضر فيها اللمسة الابتكارية والرؤية المندمجة.
فحل مشكل الأمن لا يمكن فصله عن بنية واختناق وضوضاء المدن ،كما أن حوادث السير لا يمكن كدلك حلها بالجانب الزجري.
فاهم مكسب هو خدمة الإنسان من طرف الدولة ليس جعل الإنسان مجرد زبون في هده الدولة ؟
فهل لنا إرادة لتغيير الرؤية والسلوك ؟
ماهي مواصفات وسائل التنقل في المستقبل ؟
إلى أي حد يمكن الرهان على فضاء للعيش نظيف وامن من الضغط النفسي؟