تطلعات المغرب في ميدان الهيدروجين الاخضر !

رئاسة التحرير :
ترأس السيد رئيس الحكومة عزيز اخنوش اليوم بالرباط، الاجتماع الأول المتعلق بالشروع في تفعيل “عرض المغرب” في مجال الهيدروجين الأخضر، والذي يأتي تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية الواردة في خطاب العرش الأخير،
حضر هذا الاجتماع، كل من السيد عبد الوافي لفتيت وزير الداخلية، والسيدة ليلى بنعلي وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، والسيد محسن جازولي الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية، وممثلين عن الوكالة المغربية للطاقة المستدامة (مازن). تراهن الحكومة في سنة 2024، على الشروع في تنزيل رؤية جلالته الملك، بشأن مشروع”عرض المغرب” في مجال الهيدروجين الأخضر، قصد تثمين المؤهلات التي تزخر بها بلادنا، والاستجابة لمشاريع المستثمرين في هذا المجال الواعد.
اذ يُخطط المغرب لإنتاج نحو 3 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030، وفق سيناريو متفائل، بالاعتماد على إمكاناته في مجال الطاقة المتجددة وتحلية مياه البحر، ما من شأنه تسريع تحقيق هدف الحياد الكربوني في افق 2050.
يُنتَج الهيدروجين الأخضر من الماء عبر فصل جزيئات الهيدروجين فيه عن جزيئات الأوكسجين باستخدام كهرباء مولّدة من مصادر طاقة متجددة بدلاً من الوقود الأحفوري. ومن خلاله، يمكن إنتاج مشتقاته أخرى مثل الأمونيا والميثانول بكميات أكبر. فالمغرب منكب لدراسة مشاركة “أداني” في مشروع لتصدير الهيدروجين لأوروبا.
قال بدر إيكن، المدير العام السابق لمعهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة، إن إنتاج 3 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر، يتطلب طاقة نظيفة بقدرة 16 غيغاواط، ويتطلب رفع الإنتاج إلى 13 طناً في 2040، طاقة بـ80 غيغاواط، فيما يمكن زيادته إلى نحو 26 طناً في 2050 تقريباً، في حال توفير 160 غيغاواط من الطاقات المتجددة.
وفقاً لمجلس الطاقة العالمي (World Energy Council) يُعتبر المغرب من الدول الست في العالم التي تمتلك إمكانات كبيرة في إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، وهو ما شأنه أن يؤهل البلاد للاستحواذ على 4% من الطلب العالمي بحدود عام 2030.
من المغلوم ان إمكانات الطاقة الشمسية في المغرب تصل إلى 1,000 غيغاواط، وطاقة الرياح إلى 300 غيغاواط. وتبلغ القدرة المتاحة حالياً من الطاقة المتجددة نحو 4,151 ميغاواط، تمثل 38% من القدرة الكهربائية المركبة في البلاد، مع وجود خطط أيضاً لزيادتها إلى 52% بحلول 2030.
وقد صرح محسن جزولي، وزير الاستثمار المغربي ان تكلفة إنتاج الطاقة من مصادر متجددة في المغرب، تبلغ 35 سنتيم (نحو 3 سنتات أميركية) للكيلوواط/ساعة، وهي تكلفة تنافسية جداً مقارنة بأسواق كثيرة”.
يتوفر المغرب حالياً على 9 محطات لتحلية مياه البحر بقدرة إجمالية تصل إلى 231 ألف متر مكعب في اليوم. وجرى إطلاق مشاريع عديدة لبناء محطات للتحلية في مدن ساحلية، منها الدار البيضاء وآسفي والناظور والداخلة، لمواجهة شح الموارد المائية التقليدية.
في تصريح للاستاذ بدر إيكن : ” إن نجاح المغرب في مجال الهيدروجين الأخضر يتطلب حشد شراكات بين القطاعين العام والخاص، واستقطاب مستثمرين أجانب لرفع حجم إنتاج الطاقة المتجددة لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته التي سيرتفع عليها الطلب في المستقبل.
وفقاً للتوقعات الرسمية، فإن الإيرادات السنوية للطلب على الهيدروجين الأخضر ومشتقاته في المغرب، ستناهز 22 مليار درهم (2.1 مليار دولار) سنوياً بحلول 2030، وسترتفع إلى 330 مليار درهم (31.2 مليار دولار) بحلول 2050، حيث سيأتي الجزء الأكبر من هذا الطلب في مرحلة أولى من قطاع التصدير، وفيما بعد من قطاع النقل حين يتم تطوير أنواع الوقود الاصطناعي بتكلفة تنافسية مقارنة بالوقود العادي.
كما اضاف إيكن، إلى أن الاستجابة للطلب المحلي والدولي على الهيدروجين الأخضر، تتطلب استثمارات تراكمية بـ90 مليار درهم (8.5 مليار دولار) بحلول 2030 و760 مليار درهم (72 مليار دولار) في عام 2050، على أن تخصص لزيادات قدرات إنتاج الطاقة المتجددة والمحللات الكهربائية ومصانع تحلية مياه البحر ومصانع لإنتاج الوقود الاصطناعي.
لقد سبق ملك المغرب محمد السادس ان وجه الحكومة لإعداد برنامج خاص لقطاع الهيدروجين الأخضر يشمل الإطار التنظيمي والمؤسساتي، ومخطط للبنية التحتية الضرورية. ومن المرتقب أن يتم تحديث خارطة الطريق التي أعدتها الحكومة العام الماضي.
وقال إيكن، الذي يشغل حاليا منصب الشريك الإداري في مكتب “جي إي 2” للاستشارات في مجال الطاقة المتجددة، إن المغرب يُعتبر من البلدان التي تمتلك إمكانات كبيرة في مجال الهيدروجين الأخضر، بالنظر لما حققه من مشاريع كبرى لإنتاج الطاقة الكهربائية النظيفة بتكلفة تنافسية. كما أشار إلى أن البلاد تتمتع بشروط مناخية مناسبة وأماكن استثنائية، تجمع بين مصدري الرياح والشمس لإنتاج الطاقة على مدار الساعة.
ان رؤية المغرب في مرحلة أولى هي السعي لإنتاج الأمونيا الأخضر الذي يستعمل في قطاع إنتاج الأسمدة الفوسفاتية، على ان يتجه في مرحلة ثانية لإنتاج الوقود الاصطناعي مثل الكيروسين والديزل، وفي مرحلة ثالثة لتعميم استعمالات الهيدروجين الأخضر على الصناعة والتصدير نحو الخارج.
استورد المغرب في الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري الأمونيا لصالح قطاع الفوسفات بتكلفة ناهزت 17.4 مليار درهم، مقابل 5 مليارات درهم في الفترة ذاتها من العام الماضي، وذلك بسبب ارتفاع الأسعار على مستوى العالم.
اما محمد يحيى زنيبررئيس تجمع الهيدروجين الأخضر، كهيئة تجمع ممثلين عن القطاعين العام والخاص والجامعات والمراكز البحثية، فقد افاد إن الهيدروجين الأخضر يمكن تخزينه أو تحويله إلى منتجات سهلة الاستعمال والتخزين والنقل، مثل الأمونيا، الذي يستورده “المكتب الشريف للفوسفاط” من الخارج، إضافة إلى الميثانول وهو مادة أولية في الصناعة الكيميائية.
على ان الميثانول الأخضر بمكن استعماله في إنتاج الوقود الاصطناعي الموجه للسيارات والبواخر، كما يستعمل في الصناعة البلاستيكية والمجال الصيدلاني وإنتاج شاشات الأجهزة التكنولوجية الحديثة، مثل الأجهزة اللوحية والحواسيب والهواتف الذكية.
وفي جديث عن االامكانيات وشروط انتاج الهيدروجين الاخضر قال زنيبر، الذي يرأس الشركة المغربية للصلب، إن إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته يتطلب توافر آليات التحليل الكهربائي، وكهرباء مولدة من طاقة نظيفة، وهو ما يمتلكه المغرب، إضافة إلى بنية تحتية للتخزين والنقل، متوقعاً أن يتم أول إنتاج محلي في 2030 بعد مرحلة تقييمية تمتد لسنوات.