تحلية ماء البحر اي امكانيات واي تحديات ؟

ذ . بوناصر المصطفى :
بعدما بات الجفاف هما وامرا مقلقا في المغرب وتداعياته تهدد بأزمة عطش لم يعد اما صناع القرار الا التفكير في تنزيل سياسة عمومية بالاعتماد على تقنيات واليات عصرية تحد من الازمة .
وفي هذا الصدد اتخذ المغرب مجموعة من الإجراءات لتجاوز أزمة النقص في هده المادة الحيوية ودلك باعتماد محطات تحلية مياه البحر، إذ يتوفر المغرب إلى حدود اليوم على حوالي 12 محطة، ويصبو إلى توفير حوالي 1.3 مليار متر مكعب من الماء الشروب والمياه الموجهة للسقي في أفق سنة 2030، من خلال هذه المحطات سواء التي تم انجازها ، في طور الانشاء او المبرمجة.
اذ يراهن المغرب بتحلية مياه البحر، وإمكانية استعمال هذه المياه في الشرب والزراعة، الا ان سؤال كيفية توزيع هده المياه المحلاة على مناطق المملكة أصبح تحد ملح على اعتبار ان التكلفة المالية والرغبة في تعميم التجربة تشكل تحديا اخر بالرغم من ان استغلال الطاقة المتجددة امر ممكن..
وردا على استفسارات حول هده التقنية في فرز ما صالح للشرب أشار احمد الهوتي عضو “المجموعة الفرعية للماء” المكونة من خريجي معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط بان هده التقنية ليست بالجديدة فهي المعتمدة في الخليج العربي وفي اسبانيا التي تعتمدها في الري وأن الدولة التي لها باع في تقنيات تحلية مياه البحر واستعمالها في الشرب، هي إسرائيل”،
بحسب الخبير الهوتي أن “استعمال مياه البحر في الشرب ليس له أي تأثير صحي، بدليل أن دول الخليج وإسرائيل تعتمدها مند عقود ، وفي المغرب أيضا تستعمل مياه البحر المحلاة في الشرب في كل من العيون وبوجدور وأكادير، ولولا تقنية التحلية هده بمحطة شتوكة أيت باها لعاشت مدينة أكادير هذا الصيف أصعب مراحلها على مستوى توفير الماء الشروب.
وسجل الخبير ان المياه المستعملة في الشرب هي محلاة و قادمة عبر السدود، تعتمد في تصفيتها مراحل وتقنيات عدة للتدقيق في جودتها ،و أن مياه البحر أقل خطورة من مياه السدود أو مياه الأنهار، فالمكتب الوطني للماء الصالح للشرب ملتزم بوضع معايير الجودة تطبق في تصفية المياه الجوفية والسطحية كالآبار والأنهار وغيرها كما ستطبق على تحلية مياه البحر.
وبخصوص التحدي الدي قد تواجه تقنية توزيع المياه المحلاة على المناطق الجافة والداخلية أوضح الخبير انه لحسن حظ ما يزيد عن 60 في المائة من السكان قريبة من الشواطئ، سواء على المحيط الأطلنطي أو المتوسط، على ان تترك مياه السدود والأنهار والجبال للمناطق البعيدة على المحيطين الأطلنطي والمتوسط، كمراكش والمدن الداخلية لتجنب أزمة عطش به
مع إمكانية نقل مياه البحر المحلاة إلى المناطق الداخلية باعتماد نقل مياه الجبال والسدود إلى المدن الساحلية عبر القنوات المتوفرة حاليا والتي يمكن استعمالها في الاتجاه المعاكس
اما استعمال مياه البحر المحلاة في الزراعة، أوضح الخبير ان هدا المقترح مقبول بشروط، أبرزها أن تحقق هذه العملية جدوى اقتصادية، مضيفا أن استعمال المياه المحلاة في الري الزراعي ممكنة، في كل الزراعات، باستثناء الزراعات التقليدية ذات المردودية المخفضة
وهدا مرده الى تكلفته الباهظة، فالفلاح الا يستطيع دفع تكاليف المياه المحلاة في حال كانت مردودية ضعيفة ، مقابل ذلك يبقى الاستعمال في سقي المنتجات الفلاحية ذات المردودية العالية، ، خاصة في سقي الزراعات المخصصة للتصدير
اما في جواب الخبير على سؤال علاقة الطاقة المتجددة بتحلية مياه البحر، أكد أحمد الهوتي، “بأن تقنيات هذه العملية تحتاج ضخ حجم كبير من الطاقة، لأن فصل جزيئات الملح عن جزيئات الماء يستوجب قدرة طاقية عالية جدا، لذلك فإن استعمال الطاقات المتجددة ممكن، خاصة وأن الطاقات المستعملة حاليا مصدرها الغاز الطبيعي أو الفيول أو الفحم الحجري، لكن هذه الموارد نستوردها للأسف وهي خاضعة للظروف الجيوسياسية، والحال أن هذه المواد ارتفع ثمنها خلال الحرب الروسية على أوكرانيا.
وأضاف المخرج الوحيد من التبعية الطاقية للمغرب يبقى هو الاعتماد على الطاقة المتجددة، كون هده الطاقات (الريحية والشمسية متوفرة في جنوب المغرب) على رأسها محطات نور لإنتاج الطاقة الشمسية، التي يمكن استعمالها في تحلية مياه البحر لتفادي التكلفة الباهظة وتجاوز الضغوط الدولية على الطاقة التقليدية.
كما أشار الهوتي، أن آليات تحلية مياه البحر بما فيها الطاقة، فإن تكلفتها تكون مكلفة جدا، علما أن التكلفة تختلف حسب الإنتاج، فإذا كان أقل تكون التكلفة أكبر، وإذ كان الإنتاج كبير تكون التكلفة أقل نوعا ما، وهذه التكلفة تتراوح ما بين 8 إلى 10 دراهم للطن المحلى من مياه البحر، مقارنة مع المياه السطحية والجوفية المعالجة التي تصل تكلفتها إلى حوالي 5 إلى 6 دراهم للطن
وشدد المصدر ذاته، على أنه إلى جانب كل هده التحديات طاقية وتكلفة مالية، فإن التحدي الثالث، يتعلق أساسا بتوعية المغاربة فيما يخص علاقتهم باستعمال المياه، مشددا على ضرورة “تغيير السلوك الاجتماعي تجاه هذه المادة الحيوية، وتوعية المواطنين بأهمية اقتصاد وترشيد استعمال الماء والتحسيس بخطورة التفريط في هده المادة الحيوية.
وفي نفس السياق اتجه المغرب للاستفادة من دولة روسيا كدولة رائدة في هدا المجال، بتوقيع اتفاقية مع شركة روسية تابعة لشركة “روسا توم” الروسية للطاقة النووية، أثناء القمة الروسية الإفريقية في سانت بطرسبرغ، بهدف تطوير محطات تحلية المياه باستخدام التكنولوجيا النووية لتوفير المياه العذبة للاستخدامات المختلفة مثل الزراعة والصناعة واحتياجات المياه البشرية وتجدر الإشارة أن هده الشركة الروسية المعنية لا تخضع للعقوبات الدولية، وهو مما دفع الجهات المغربية لإبرام اتفاقية رسمية معها لتنفيذ هذا المشروع البارز
اذ يسعى المغرب في تطوير محطات تحلية مياه متنقلة تعمل بالطاقة النووية لتلبية الحاجة الماسة للمياه في مناطق معينة، وذلك ضمن استراتيجيته لتحسين توفر المياه من خلال تطوير تقنيات تحلية المياه. حيث يهدف المغرب لتحلية أزيد مليار وثلاثمائة مليون متر مكعب من المياه سنويا لتلبية نصف احتياجات المغاربة من المياه الصالحة للشرب