الميثاق الاستثماري الجديد ! اية تداعيات ؟
ذ . بوناصر المصطفى :
شكلت اختيارات المغرب الاقتصادية والسياسية افريقيا ودوليا حافزا إلى الانكباب على فتح اوراش كبرى فجاء الميثاق الاستثماري الجديد بالمغرب أولا استجابة لمقتضيات القانون الإطار 03.22 بمثابة ميثاق الاستثمار حيز التنفيذ بعد صدوره في الجريدة الرسمية رقم 7151، ليعوض القانون السابق الذي جرى اعتماده قبل 26 سنة والميثاق هو في حد ذاته اتفاقية تم توقيعها في شهر يونيو 2021 بين الحكومة المغربية والمجموعة الأوروبية للاستثمار، وهو يهدف إلى تعزيز التعاون بين المغرب والاتحاد الأوروبي في مجال الاستثمار وتطوير البنية التحتية وتحسين مناخ الاستثمار في المملكة كما هو اطار جديد لمراجعة افق التعاون الاستراتيجي بين المغرب والاتحاد الأوروبي، كنتيجة للرغبة المشتركة بين الطرفين في تعزيز علاقاتهما الاقتصادية والتجارية وجعلها أكثر ديناميكية وفعالية. اذ يمثل هذا الميثاق فرصة هامة للمستثمرين المحليين والأجانب للاستثمار في المغرب والاستفادة من فرص النمو والتنمية التي يوفرها الاقتصاد المغربي في الفترة الحالية والمستقبلية.
لكن الا يمكن اعتبار هدا الميثاق توثيق الصلة وتجدرها نتيجة وضع المغرب الجديد إفريقيا ودوليا؟
اذ ا كان الميثاق الاستثماري الجديد بالمغرب عموما قد جاء لجعل المغرب مقصداً أكثر جاذبية للاستثمار، بتسهيل إجراءات الاستثمار وتحسين التشريعات والانظمة القانونية المتعلقة بالاستثمار، وتطوير البنية التحتية والتكنولوجية، وتشجيع الابتكار والتنمية المستدامة فانه يتضمن كدلك العديد من المبادرات والإجراءات الهادفة لتحسين بيئة الأعمال.
فمن المتوقع ان تكون للميثاق الاستثماري الجديد اثارايجابية كالزيادة في حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المملكة، وتحسين البنية التحتية ورفع كفاءة الخدمات العامة، وخلق فرص عمل جديدة، وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين.
لكن المستجدات الميثاق الجديد تكمن في تحقيق أهداف رئيسية، إحداث مناصب شغل قارة وتقليص الفوارق بين أقاليم وعمالات المملكة في مجال جذب الاستثمارات، وتوجيه الاستثمار نحو قطاعات الأنشطة ذات الأولوية ومهن المستقبل وأن يساهم أيضا في تنمية القطاعات الحيوية مثل الصناعة والسياحة والتكنولوجيا، وزيادة تنافسية الاقتصاد المغربي في المستقبل.
وعلى الرغم من ان الميثاق يهدف إلى تعزيز جاذبية المملكة من أجل جعلها قطباً قارياً ودولياً للاستثمارات الأجنبية المباشرة، فانه يرمي الى إعطاء أولوية للإنتاج الوطني وتشجيع وتعويض الواردات بالإنتاج المحلي، وتحقيق التنمية المستدامة، وتحسين مناخ الأعمال وتسهيل عملية الاستثمار
فالنظام الأساسي للدعم يستهدف بالدرجة الأولى مشاريع الاستثمار التي تساهم في تقليص الفوارق بين أقاليم وعمالات المملكة وجذب وتنمية الاستثمار في قطاع الأنشطة ذات الأولوية.
وينص الميثاق كدلك على أنظمة خاصة للدعم تستهدف مشاريع الاستثمار ذات الطابع الاستراتيجي والمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة، وتواجد المقاولات المغربية على الصعيد الدولي.
وقد وضعت عدة أنظمة لمنح دعم مالي للمستثمرين، كالمنحة الترابية للاستثمارات في الأقاليم والعمالات خارج محور “طنجة-الدار البيضاء”، ومنحة قطاعية للمشاريع الاستثمارية المنجزة في قطاعات الأنشطة ذات الأولوية؛ إضافة إلى نظام خاص لمشاريع الاستثمار ذات الطابع الاستراتيجي.
وان استفادة المستثمر من أنظمة الدعم هده مرهونة بأبرام اتفاقية استثمارية مع الدولة تحدد التزامات الطرفين وكيفيات تنفيذها، كما يمكنه الاستفادة من امتيازات وتحفيزات ضريبية وجمركية.
ويوضح الميثاق أنه يمكن الجمع بين جميع المنح في حدود 30 في المائة من مبلغ الاستثمار القابل للاستفادة من المنح. وسيتم تحديد ذلك في نصوص تطبيقية.
وفيما يخص نظام الدعم المطبق على مشاريع الاستثمار ذات الطابع الاستراتيجي، ستكون الاستفادة من امتيازات خاصة وفق مسلسل تفاوضي، وسيتم إصدار نص تنظيمي يوضح المعايير المطلوبة؛ غير أن مشاريع الاستثمار المنجزة في مجال الصناعة الدفاعية تعتبر تلقائياً مشاريع ذات طابع استراتيجي
ويضم الميثاق الجديد أنظمة لمنح الدعم المالي للاستثمار الخاص بهدف رفع حصته من الثلث حالياً إلى الثلثين في أفق سنة 2035، للمساهمة في النمو الاقتصادي
الا ان الاقتصاد المغربي لا يخلو من مواجهة العديد من التحديات متعلقة بالنمو الاقتصادي والتضخم والديون الخارجية والبطالة، وقد يؤثر ذلك على قدرة الحكومة المغربية على تنفيذ المبادرات والإجراءات اللازمة لتحسين بيئة الأعمال وتشجيع الاستثمارات
كما ان للتحولات السياسية والاجتماعية في المملكة لها ثقل على تنفيذ الميثاق الاستثماري الجديد، وقد يتعين على الحكومة المغربية التعامل بحنكة مع بعض الضغوط السياسية والاجتماعية لتنفيذه
يمكن أن تكون للتحديات الأمنية في المنطقة على الاستثمارات والعمليات التجارية في المملكة اقل وزنا، نظرا للاستقرار السياسي، فأول ما يضعه في الحسبان المستثمرين المخاطر المحتملة واتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين أنشطتهم، لدلك الحكومة ملزمة بالحفاظ على هده الصورة.
قد تواجه المستثمرين تحديات أخرى، حيث البلد يواجه تحديات بيئية متأثرة بأعراض تغير المناخ كالتصحر ونقص المياه، لدا يتعين على المستثمرين الالتزام بالمعايير المعتمدة واللوائح البيئية واتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على البيئة والحد من التأثيرات السلبية لأنشطتهم عليها.
الا ان التحديات اللغوية والثقافية في التعامل مع الشركات والعاملين في المملكة المغربية، قد لا تشكل صعوبة في التواصل والتفاهم، رغم ان اغلب الساكنة تتحدث. الفرنسية اما التحدي الثقافي بسبب الاختلافات الثقافية بين المغرب وبلدانهم، فالتكيف مع الثقافة والعادات المحلية لتحقيق النجاح في أعمالهم
مقتضيات القانون الجديد تضع الأشخاص الذاتيين المغاربة المستقرين بالخارج، والأشخاص الذاتيين أو الاعتباريين الأجانب،مقيمين بالمغرب أو غير مقيمين، الذين ينجزون في المغرب استثمارات ممولة بعملات أجنبية، على حدسواء سيستفيدون من نظام تحويل الأرباح الصافية دون تحديد للمبلغ أو المدة، وتحويل حصيلة تفويت الاستثمار أو تصفيته كلا أو بعضا، بما في ذلك فائض القيمة.
ومن أجل مواكبة تطبيق هذا القانون، ستحدث لجنة وزارية تعهد إليها المصادقة على كل مشروع من مشاريع اتفاقية الاستثمار، مع البت في الطابع الإستراتيجي لمشاريع الاستثمار من عدمه، ناهيك عن إنجاز تقييم دوري لفعالية أنظمة الدعم.
وسيكون على الحكومة أن تصدر النصوص التطبيقية الخاصة بنظام الدعم الأساسي والنظام الخاص بدعم مشاريع الاستثمار الإستراتيجي داخل أجل لا يتعدى ثلاثة أشهر ابتداءً من الإثنين 12 دجنبر. أما نظام الدعم الخاص الرامي إلى تشجيع المقاولات المغربية في الخارج فأجله داخل ستة أشهر، على أن يصدر النص التطبيقي الخاص بدعم المقاولات الصغيرة في غضون سنة.
وسيكون بإمكان المستثمرين الذين أنجزوا استثمارات سنة 2022 الاستفادة بأثر رجعي من أنظمة الدعم المنصوص عليها في الميثاق الجديد.
اليس المجتمع المدني الفاعل شريك استراتيجي في اخاد القرارات ؟
لمادا لا يتم استشارة المقاولات الصغيرة جدا في ادراج همومها وتحدياتها ؟