المواطن المقهور سجين أحلام

الانسان المقهور أزمة كرامة في زمن تعلق حقوقه في النشرات الإعلامية الرسمية
ذ , بوناصر المصطفى
يعيش الإنسان المقهور حالة من الغربة والتشرذم في مجتمعات نسبت نفسها إلى دائرة التخلف بشكل علني ،دون أن تملك الجرأة للاعتراف بهذا الخلل الاجتماعي ،بحيث اتسعت الهوة إلى درجة أن كرامته أصبحت مثار سؤال ؟ فحقوقه مفرومة وواجباته تطرح اكثر من علامة استفهام ،اتجاه ذلك المتسلط ،فمكانه الهامش أو أدني من ذلك إن وجد ،وكل ما تقدم له هذه المؤسسة القائمة يعتبر فضل من ومنة ،لذلك يضطر في غالب الأحيان إلى طلب حق اللجوء ،إما للغرق في ماض قد يكون انسب واجمل أو في رسم حلم ابدع فيه وبنى ملامح أمل؟
إن أهم المظاهر التي تعقد البنية النفسية للإنسان المقهور في المجتمعات المتخلفة ،متعددة ومتراكبة كالفقر أو البنية الاقتصادية المتوحشة والتعليم والتنمية والديمقراطية بصفة عامة ، لذا تحتاج كل هذه البنيات إلى معالجة شمولية مدروسة ومندمجة ، لا إلى حلول ترقيعية في محاولات السيطرة على تلك الظاهرة .
فتبني خيار التنمية البشرية ليس عنوانا للاستهلاك الإعلامي بل يبقى اهم ورقة للإقلاع والتنمية ؟
فمن المستحيل الحديث عن أي رؤية تنموية بالموازاة مع تفريخ وتكريس سياسات تنتج أسرابا متتالية للإنسان المقهور،لان تكوينه النفسي وتركيبته الذهنية اللاواعية تعكس له انعدام الشعور بالأمان والإحساس بالعجز في مواجهة التحديات التي يفرضها عليه مجتمعه ،وبذلك يختل التوازن النفسي فتصبح كل قراراته غير مبررة و معتلة مما يكرس منسوب التخلف الاجتماعي
فقد يهرب الرجل من مأزقه بصب غضبه على المرأة مثلا ،من خلال تحميلها كل العلل التي يشكو منها في علاقته مع المتسلط و قهر الطبيعة ، فكل أسقاطاته السلبية هي المسؤولة عن فرز حالات تربك البنية الاجتماعية و تترسّخ من خلال ما يمكن غرسه في المحيط بصعقات كهربائية و التأثير في نفوس الأطفال بأشكال انفعالية أو استسلام لأفكار مجانية خاوية ؟
أو قد برفض الهزيمة بشكل من الأشكال إما بالهروب من الواقع بتعاطي المخدرات أو ممارسة هواية العدوان ،أو تجاهل الأمر وتأجيل الاعتراف به كأمر واقع أو فبركة قرار عابر.
إن فهم واقعنا ومعالجة الإشكاليات المجتمعية لم يعد في حاجة إلى مقاربات نظرية وقوالب جاهزة ،بقدر ما نحن في امس الحاجة إلى دراسات ميدانية تقارب للفهم الصحيح للإنسان المتخلف بخصوصيته واعتمادا على مرتكزات علم النفس الحديث.
كتب الأستاذ المهدي المغربي في تعليقه على سيكولوجية الإنسان المقهور في الحوار المتمدن :
” ليس لوما و لا عتابا بل هو انتقادا صريحا لما لا يساير المنطق و الصواب
انتقاد نابع مما اكتسبته من علم المنهج المادي التاريخي
و نابع كذلك من قساوة الهم اليومي و الجهد المضني في منعرجات الحياة المريرة
بكل صدق يجب ألا يُجحف المرء في حق أحد سواء أ كان بالمدح أو بالنقد و ذلك في كل أبعادة يعد اضعف الإيمان”
