Univers Bounaceur
فضاء الحوار ومنتدى الابداع

المملكة المغربية وظاهر ة تبيض الأموال  أية  مقاربة ؟

 المملكة المغربية وظاهر ة تبيض الأموال  أية  مقاربة ؟
مشاركة الموضوع

ذ . بوناصر المصطفى

إن التعرض إلى ظاهرة اقتصادية في مجال الجرائم المالية ،لا يعني البتة توجيه اتهام بتقصير الجهات الوصية ،وإنما محاولة منا المساهمة في تقويض الظاهرة والحد من تغولها ، فالتعرض مثلا لظاهرة تبيض الأموال لم تبق محصورة في جرائم المخدرات والإرهاب، بل اتخذ المجرمون سبلا اخرى لارتكاب أفعال الغسل في معظم دول العالم.

هكذا أضحت الظاهرة من الجرائم العابرة للحدود والتي تقلق بال المجتمع الدولي برمته، إذ تضاعفت أنشطتها في العقدين الأخيرين كنتيجة حتمية  للتقدم التقني والتكنولوجي خاصة في عصر العولمة هذا  خصوصا مجال والإنترنت وعلوم الاتصالات، فأصبحت خسارة كبيرة ومعادلة صعبة  بكل المقاييس ،اذ اتسع منسوب الأموال القذرة التي يتم غسلها سنوياً وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي ليصل خمس تريليونات دولار أمريكي، فكان لزاماً على الباحثين بذل الجهود لمدارسة هذه الظاهرة على المستويات الوطنية لوضع الحلول والرؤى لتقليص آثارها السلبية على المجتمع سواء الوطني أو الدولي.

 لم تعد تشريعات غسل الأموال محصورة  فقط بالنسبة لجرائم المخدرات، كجريمة أولية بل تجاوزت كل التوقعات سواء على مستوى الكيف والكم ، فحجم الأموال المغسولة بلغت أرقاما خيالية وفقا لتقارير الأمم المتحدة حيث عانت وتعاني القارة الأفريقية على سبيل المثال لا الحصر من نزيف حاد  مليارات الدولارات أي ما يضيع على القارة خسارة  3,7 في المائة من ناتجها الداخلي الخام .

لم يكن المغرب في منأى عن هدا الفيروس إذ تم تصنيف المغرب في اللائحة الرمادية انطلاقا مما سجلته التدفقات المالية فقط في سنة 2013- 2014 ما يقارب 16.6 مليار دولار أمريكي وفقا لتقرير أكتوبر 2020

وفي إطار جهود المغرب الرامية إلى تعزيز المنظومة القانونية المتعلقة بمكافحة ظاهرة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وملاءمتها مع المعايير الدولية المعتمدة في هذا الباب من طرف مجموعة العمل المالي، حاولت المملكة الاجتهاد في سن مقتضيات قوانين لتجاوز أوجه القصور في القوانين السابقة بناء على تقييم النصوص القانونية الحالية ،اذ اقترحت وزارة العدل مقتضيات القانون الجديد لتعزيز المنظومة القانونية وملاءمتها مع المعيار الدولي.

لقد صادق مجلس النواب المغربي على مشروع قانون متعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي والقانون المتعلق بمكافحة غسل الأموال وأوصي الوزرات الوصية بتشديد المراقبة على الكازينوهات، ومؤسسات ألعاب الحظ، ،ووزارة السكنى، لمراقبة الوكلاء العقاريين ،وإدارة الجمارك ،والضرائب غير المباشرة بالنسبة لتجار المعادن النفيسة أو العادية أو الأعمال الفنية. هذه الإضافة من شأنها المساهمة بشكل قوي في تسهيل عملية الحد من هذا التفشي الموحش حتى لا نسقط في اللائحة السوداء كإيران كوريا  الجنوبية.

لقد واجهت المملكة  انتقادات من الخارجية الأمريكية بالتقصير في  مكافحة جرائم تبييض الأموال، نتيجة ضعف المقاربة فأشارت بالصبع  إلى مكامن هدا الضعف:

في وجود قطاع غير المهيكل متنام ، انتشار المعاملات النقدية، ارتفاع حجم التحويلات المالية ،على اعتبار أن موقع المغرب الاستراتيجي يسيل لعاب مجرمي تبييض الأموال ، وبالتالي طلب منه التجاوب في إطار اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ،هي فعلا ملاحظات أزعجت السلطات ، لكن اتضح في الأخير مدى ضرورة محاصرة  الجريمة نظرا لتداعياتها اقتصادية واجتماعية وأمنية.

 اذ عقد رئيس الحكومة، السيد عزيز أخنوش، يوم الأربعاء 16 -02-2022 ، مع رئيس الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، السيد جوهر النفيسي، الذي قدم له التقرير السنوي للهيئة برسم سنة 2020، وذلك طبقا لمقتضيات القانون رقم 05-43 المتعلق بمكافحة غسل الأموال كما تم تعديله وتتميمه تباحث الطرفان، سبل تحسين وتطوير عمل الهيئة ،كما اتفقا على عقد اجتماع بداية شهر فبراير القادم  مع مسؤولي القطاعات الحكومية المعنية لبحث المعطيات المتعلقة بهذا الشأن نتيجة المنحى التصاعدي الذي سجلته الهيئة في مؤشراتها رغم تأثيرات الجائحة

وفي ظل غياب تصور رسمي حول مدى إمكانية محاصرة  ظاهرة تبييض الأموال في المغرب، يحتاج الأمر إلى موقف جدي جماعي من شأنه تطوير العمل المؤسساتي وتكثيف التنسيق مع مختلف المتدخلين سواء الأمنيين أو الاقتصاديين والماليين، إضافة إلى تحصين المجال المالي المغربي إزاء شبهات تبييض الأموال بهدف تحسين درجة الالتزام الفني بالمعايير الدولية وتيسير الفهم السليم للأحكام القانونية وضمان حسن تطبيقها .

– هل الهدف تقوض الظاهرة أم فقط استبدال قانون جديد بقانون القديم؟

– إلى أي حد يمكن إلزام بعض المهنيين بالتبليغ عن بعض الأعمال المشبوهة، ؟

– هل تم تعداد كل القطاعات المشبوهة بعملية الغسل هذه ؟

أملنا كبير أن تتجه الجهود  لمكافحة الفساد بشكل عام، وضمان الشفافية والمنافسة الحرة في المجال المالي والاقتصادي، تحفيز كل مبادرة مواطنة ترمي إلى مكافحة هده الجرائم المالية لتفادي التداعيات الأمنية نظرا للتهديد الذي يقلق امن بعض الدول من استغلال العصابات الاجرامية لعملية تبيض الأموال في تمويل ألإرهاب.

ذ. بوناصر المصطفى

ذ. بوناصر المصطفى

0إعادة النظر

إقرأ أيضاً ...

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *