المقاولة الصغيرة والاسئلة التي لاتتطلب التاجيل

إشكالية التنمية هاجس مقلق لجميع بلدان هذا الكون بصفة عامة، والبلدان النامية على الخصوص، والمغرب كبلد يدخل في هذه الشريحة الأخيرة ، يبحث عن تلك الحلقة المفقودة ، لكن الدراسات توافقت على أن الحل في الاهتمام بالمقاولة الصغيرة، وهي الكفيلة لامتصاص لمعضلتي الفقر والبطالة اللذان أصبحان يهددان ليس فقط اقتصاد البلد بل أمنها واستقرارها .
فتطوير المقاولة الصغيرة أصبح يطرح على أكثر من صعيد، نتيجة قدرتها على استيعاب عمالة أكثر، استثمار متحكم فيه، حل مشكلات استراتيجية كبيرة، وتأهيل وتقوية مهارات قيادات شابة نامية في التدبير الجيد للمقاولات والمساهمة في الإنتاجية والتنمية الاقتصادية.
لكن السياسات المتبعة لم تكن هادفة لاستجلاء الصعوبات التي تواجه هذه المقاولات:
1 -ارتفاع معدل المخاطرة في ظل منافسة واحتكار لأنشطة مربحة بالقوة، الشيء الذي يكرس أزمة الثقة عند المقاول الشاب.
2- ضعف التمويلات البنكية والتي لازالت ذات بنيات ادخارية ليست استثمارية,
3- ضعف قدرة المقاولة الذاتية
لذلك أصبح رهان المسئولين وأصحاب القرار يتزايد سواء في الدول المتقدمة آو النامية ،نظرا للكمية العددية الذي أضحت تمثله في الاقتصاديات النامية، بما يعطي للتركيز على هذه القوة أولوية قصوى لتصبح قوة داعمة للاقتصاد القومي ككل ، وكذا تنشيط دورها الحيوي في الدورة الاقتصادية وخلق الثروة ،وزيادة الدخل المحلي، وتوفير التماسك الاجتماعي الضروري لأي مجتمع .
إيمانا من المغرب بهذه الصعوبات فقد اعتمد مسلسل من الإصلاحات في الميدان الاقتصادي وخاصة منه البنكي، فاعد بهذا الخصوص رزمانة تدابير و برامج واليات لتسهيل ولوج المقاولة إلى القروض، لكن في مجملها غير مجدية، بل عمقت أزمة الثقة لدى المقاول الشاب.
لكن سؤالنا يبدو جوهريا:
لماذا لم تنجح هذه المقاربات كلها ؟
– غياب ميثاق حقيقي لحسن تدبير المقاولة الصغرى وحكامة جيدة في تأطير قضايا المجتمع
– تنزيل قصري بالمظلة لبرامج واليات بعيدة كل البعد عن الصعوبات وواقع المقاولة الصغرى هما أهم الأسباب لغياب الانسجام في الرؤية .
لان بنية المقاولة الصغرى بنية هشة ،تكونت في اغلبها في مناخ لا يمت لمناخ الأعمال بصلة ،كما أن المقاولة تعيش اكراهات جمة :
منها ضعف البنية التنظيمية ،وغياب الفكر المقاولاتي، في موجهة المنافسة الشرسة سواء من المقاولات الكبرى المحتكرة لجل الأنشطة أو للقطاع الغير المهيكل ، بالإضافة إلى شروط لوجستية من عقار وتجهيزات وكذا العوائق الجبائية .
هذا دون أن ننسى التهميش المقصود للمقاولة الصغيرة في العالم القروي، وانعكاساته على تعميق أزمة القطاع ألفلاحي، رغم اعتباره أهم رافد في الاقتصاد الوطني، وهذا يعمق أزمة المدن بسيول الهجرة والعطالة ، دون نسيان الشريحة المهمة والفاعلة والتي أصبحت المجتمعات المتحضرة تراهن عليها وهي المقاولة الاجتماعية ( القطاع التعاوني)
إن أهمية المقاولة الصغيرة لم تعد تحتاج إلى تعداد التبريرات لتأخير دورها في التنمية أو الأنشطة الاقتصادية ،فهذه المنشأة ، أصبحت تتطلب منا فتح نقاش حقيقي لتطويرها، بالتركيز على تقييم هذه التجارب الفاشلة ،والتي اعتمدت على اقتصاد المديونية ، بدل تفعيل البدائل التمويلية التشاركية للتأسيس للمقاولة المواطنة .
كل الدراسات اتفقت على أن اغلب التمويلات البنكية تستفيد منها المقاولات الكبيرة والتي تحظي بنصيب الأسد، وتبقى تعبئة هذه الشريحة في باب التمويل خجولة ،كما أن البرامج المقدمة لإنعاش التشغيل الذاتي سواء :قروض المقاولين الشباب، وبرامج مقاولاتي… ،واستغلال موحش للصناديق رغم كثرتها (صندوق ضمان قروض تأهيل المقاولات الصغيرة ، وصندوق هيكلة الديون وصناديق كثيرة ) دون جدوى أو اثر ، وفي تجميد متعمد للبدائل التمويلية وكذا احتكار للإمكانيات التي توفرها صناديق الضمان المركزي، والخطوط الأجنبية وصناديق التمويل المشترك .
بكل وضوح ومسؤولية هذه الحصيلة تتطلب من المسؤولين أينما وجدوا، وبكل فئاتهم وصفاتهم وزاوية الرؤية التدخل العاجل لوضع القطار على السكة ، اد لابد أن يطرحوا على أنفسهم سواء بشكل فردي أو جماعي أسئلة لم تعد تقتضي التأجيل:
ـ هل هناك إرادة سياسية ورغبة أكيدة للتنمية المندمجة ؟
ـ ماذا اعددنا وكيف نعد لتأهيل مقاول مواطن ؟
أرقام مخيبة للآمال حول الوضع الاقتصادي بالمغرب أو لمستقبل المقاولة ؟
أرقام حول إفلاس المقاولة الصغيرة والتي تمثل 85في المائة من النسيج الاقتصادي المغرب
+ فما هي أسباب هذا الكساد رغم كل المحاولات ؟
+ هل مردها إلى الإطار القانوني؟ اوالحضن الذي تأسست فيه ؟
ذ بوناصر المصطفى