القيادة الكويتية الجديدة وتعزيز الدبلوماسية الاقتصادية بالمغرب

ذ .بوناصر المصطفى
كثيرا ما تطرح العلاقات المغربية الكويتية استفهامات كثيرة حول عدم تناسب الأرقام في ميدان الأعمال مع منسوب العلاقة النموذجية بين البلدين ،بحيث أنها لم ترق إلى مستوى التطلعات والطموح ،رغم عمق الروابط المتينة ، من تنسيق المواقف على المستوى الدولي ،والدعم اللا مشروط للقضايا ذات الاهتمام المشترك ،والجهود المبذولة من طرف مسؤولي البلدين في خلق انسيابية في الحركة السياحية والتبادل التجاري ،كفتح خط جوي مباشر ،وإلغاء التأشيرة بين البلدين، كلها اجراءات لم تغير من حجم الاستثمارات بالمغرب بحيث بقيت باهتة ،ولم تتعد مليار و200 مليون دولار، كما أن حجم التبادل التجاري بقي حبيس ما يقارب افق 84 مليار دولار.
لذاك سوف يكون على جدول اللجنة العليا المشتركة مراجعة اتفاقيات ومذكرات التفاهم لتتحدى الوضعية الراهنة ،فرغم أن الكويت الثالثة عربيا والعاشرة عالميا فتلك الرؤى القديمة المحصورة في تمويل مشاريع فلاحية وتشييد السدود والبنى التحتية الطرقية والمنشآت العمرانية والسياحية لن ترفع من حجم الاستثمارات بشكل يتناسب مع الرؤى الجديدة .
لذلك راهنت القيادة الجديدة على تجاوز ذلك إلى أفاق واعدة للتبادل الحر، كي ترقى إلى شراكة استراتيجية ونموذجية ،تعطي دفعة قوية لتحفيز المستثمرين الكويتيين للإقبال اكثر على السوق المغربية ،وذلك بإطلاق حملة تعريف بالإمكانات السياحية والاقتصادية بالمغرب ،حيث إن الميثاق الاستثماري المغربي شكل في الآونة الأخيرة مجالا يغري الرساميل الأجنبية بمقومات جذب هائلة.
في ظل هذه المعطيات أصبحت أفاق العلاقات المغربية الكويتية واعدة، و اتسمت بطابع استثنائي على جميع مستويات التعاون، بناء على إطار قانون غني ومتنوع ، نظرا لكون المغرب قد خطى خطى رائدة في التطور والنماء ،وكون رصيدا لا يستهان به من الخبرات والتجارب على المستوى الإقليمي والدولي .
فموقعه الاستراتيجي ،وانفتاحه على إفريقيا جعله قبلة للاستثمارات الأجنبية في العقدين الأخيرين .
فالدولتان الكويت والمغرب عازمتان خصوصا بعد تجاوز الأزمة الكوفيدية لدخول فترة التحدي بدراسة مجموعة من النصوص القانونية ،تمكن من وضع إطار قانوني لمجالات تعاون جديدة وتعديل النصوص القانونية التي لم تعد مواكبة للتطورات والمستجدات في الميادين الاقتصادية أو التقنية ،وبتوفير حماية أفضل للمستثمرين في القطاع الخاص ،عبر اعتماد قوانين جديدة تهدف إلى تحسين ظروف الاستثمار وتسهل تدفق الرأس المال والأجنبي.
لقد اتجه المغرب اعتماد سياسة منفتحة بتوسيع شراكته الاستراتيجية وإطلاق سلسلة من اتفاقيات التبادل الحر سواء مع دول الخليج أو مع دول جنوب الصحراء لان التوجه الإفريقي اصبح خيارا لا رجعة فيه بالانفتاح على شركاء اخرين.
لكن هناك أسئلة تفرض نفسها من الزاوية الإعلامية :
– ما الذي دفع الكويت إلى تغيير سياستها الخارجية خصوصا في منطقة المغرب
اهو توجه جديد لقيادة جديدة أم طموح لدور إقليمي جديد؟
– أم هي مراهنة كويتية على كسب مصالح استراتيجية تنموية من خلال زيادة تفعيل الديبلوماسية الاقتصادية عربياً ودولياً ؟
وذلك باللحاق لوضع موضع قدم في هذا المجال وفتح بوابة فرص لتعزيز الاستثمار المشترك، خاصة مع زيادة تأكد وجود أفاق ازدهار في بوابة أفزيفيا؟
لقد اتسمت السياسة الخارجية الكويتية بالنشاط والكفاءة الديبلوماسية وكسبت هامشاً أكبر من الاستقلالية والحركية فابتكرت أدوات جديدة لتحسين أداءها التنموي ،وإعادة ترتيب خارطة جديدة للاستثمارات الكويتية .
إنها تحركات تروم حل معادلة محدودية تنوع إيرادات الاقتصاد الكويتي المرتبط في جزء كبير منه بإنتاج النفط ، فالاعتماد على تطوير الديبلوماسية الاقتصادية مع بعض الدول العربية والنجاح في تحديات مقبلة كالأمن الغذائي لأجيال المستقبل في ظل تغيرات مناخية متقلبة ومتسارعة.
مثلت السياسة الخارجية الكويتية استثناء خليجياً وعربياً مع المحافظة على ارث الأمير الراحل وتطويره فوفاة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت في سبتمبر الماضي أسئلة حول مسار السياسة الخارجية ؟ لكنها حافظت على الطابع المحايد والإنساني في علاقتها بالشركاء
فهل ستسعى الكويت لتدارك اللحاق بالركب من خلال تعزيز الديبلوماسية الاقتصادية؟
أم هي أفاق واعدة لاستهداف أسواق أوروبية من خلال التعاون المشترك مع القطاع الخاص المغاربي؟
ذ . بوناصر المصطفى