الصفقات العمومية بين الإبرام واليات الرقابة ؟

ذ . بوناصر المصطفى
اكتشفت وزارة الداخلية نوع من التواطؤ والحيف الكبير في تدبير الصفقات العمومية التي تفوق قيمتها 200 مليون درهم، سواء في ولايات سابقة، أوفي بداية الولاية الجماعية الحالية، رغم كون القطاع مؤطر بعدد من المراسيم والدوريات ،ومناشير صادرة عن رئاسة الحكومة .
لذلك كان قطاع تدبير الصفقات العمومية مجالا للنهب وهدر المال العام، والاغتناء غير المشروع من قبل بعض رؤساء الجماعات الترابية ،فكان للأزمة الاقتصادية والمالية التي يمر منها المغرب دور مهم في فرض إجراءات جديدة وتطبيقات صارمة للإجراءات السابقة
اذ ذكرت الحكومة بتداعيات الأزمة شبه الخانقة وأثرها على نسبة النمو، وانعكاسها على ميزانيات التجهيز والاستثمار، مشددة على ضرورة التقيد، إلى أبعد الحدود، بمبدأ ترشيد النفقات في تدبير الطلبيات العمومية، وعدم التسامح في هذا الموضوع الذي يمس بنية السياسات المالية العمومية.
اذ شرعت وزارة الداخلية، عبر أجهزة التفتيش التابعة لها، في إخضاع الصفقات العمومية لمراقبة مسبقة قبل الشروع في تنفيذها، سواء في ما يتعلق بالنفقات المرصودة، أو طريقة الأداء، ومدى احترام الشروط المنصوص عليها في تدبير الطلبيات العمومية.
وستحرص المفتشية العامة على مهام التفتيش والتدقيق ومراقبة احترام وتفويت وإنجاز الصفقات العمومية، في جميع مراحلها لتصحيح أي خلل قد يضر بالمال العام، مع تقديم اقتراحات لتعزيز الشفافية وتحسين المردودية والفعالية..
وتركز المراقبة المسبقة، بشكل خاص، على نوعين من الصفقات، ويتعلق الأمر بالصفقات العمومية التي تفوق قيمتها 5 ملايين درهم، ثم الصفقات التفاوضية التي يتجاوز مبلغها مليون درهم، إضافة إلى إمكانية تدقيق صفقات ذات مبلغ أقل، إذا استدعت الضرورة ذلك، خاصة إذا تعلق الأمر بالشكايات التي تثير الانتباه إلى العيوب التي قد تشوب مسطرة إسناد هذه الصفقات.
وضبطت وزارة الداخلية عددا من الجماعات الترابية التي لا تلتزم بانتظام دراسات التقييم الأولي والتحديد السليم للحاجيات المراد تلبيتها، كما ان هذه الجماعات لا تؤكد على التدقيق، من مدى تقييم أهمية الصفقات المعلن عنها لتحديد جدواها وآثارها على المواطنين والمصلحة العامة، وتقدير أمثل للكلفة المالية التي تتطلبها، مما يساهم في هدر كبير للمال العام دون جدوى..
وتغض بعض الجماعات الطرف عن عدد من المواد الواردة في مرسوم الصفقات العمومية عدد 2.12.349، خصوصا في ما يتعلق بوضع تقرير انتهاء تنفيذ الصفقة عندما يفوق مبلغها مليونا، مع نشر ملخص تقارير المراقبة والتدقيق في بوابة الصفقات العمومية وإتاحة المجال للمواطنين للاطلاع عليها..
ولا تعير بعض الجماعات الترابية اهتماما كبيرا لاختيار وانتقاء أفضل العروض من حيث تكلفتها المالية وجودة الخدمة المطلوبة
كما اكتشفت وزارة الداخلية وجود خلل كبير في مواكبة المشاريع التي تتطلب خبرة تقنية عبر مختبرات معتمدة متخصصة في مراقبة جودة المواد قبل وبعد استعمالها، وفقا للمعايير التقنية.
هل هذه الاجراءات كافية لردع المستفيدين من هذه الصفقات المخلة بتدبير امثل للموارد ؟
ام لابد من مرافقتها بإجراءات تقنية و قانونية ميسرة ومحفزة لأجهزة المراقبة ؟