الصحافة المغربية والتحديات المضللة ؟

ذ بوناصر المصطفى
في إطار انفتاح الجامعة على محيطها نظمت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش مسلك الإجازة المهنية : الإعلام والتواصل يوم 27 من اكتوبر2022 على الساعة العاشرة صباحا درس افتتاحيا بعنوان :
أي مستقبل للصحافة المغربية في ظل التحديات الوجودية أطرها الأستاذ نور الدين مفتاح رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالمغرب ،إذ تدخل هذه المبادرة من الجامعة كمؤسسة أكاديمية مساهمة فعلية على خط التأطير الحرفي وعلى كل المعاهد المتخصصة أن تحذو هذا الحدو لترسيخ الجودة والرقي بالمشهد الإعلامي .
اعتبارا من الفيدرالية المغربية لناشري الصحف ورصدها عن قرب للتحديات التي تواجه القطاع الإعلامي بالمغرب، والتي أدخلته في دائرة أزمة مدوية في الأوساط المجتمعية ، سواء تعلق الأمر بما له صيغة مهنية أو اقتصادية للمقاولات الصحفية، أو اجتماعية للموارد البشرية، أو ما يخص تحصين المهنة وتخليقها وتأهيلها ، فان التركيز على التأطير والتكوين لممارسة المهنة بالضوابط المتعارف عليها دوليا بالاستعداد للدخول في أوراش اصلاحية سواء تعلق الأمر بما هو ذاتي أي مرتبط بتفعيل محكم بدور المقاولة الصحفية للاهتمام بالموارد البشرية المؤهلة ، او ما هو موضوعي مرتبط بأخلاقيات المهنة بهدف بعث مؤشر الثقة لذى المتلقي وكذا الرفع من نسبة المقروئية كإشكالية بنيوية غير مقتصرة على بلد بعينه بل تتفاوت حدتها من بلد إلى اخر.
لا شك أن عنوان هذا الدرس الافتتاحي انطلق من تصور خاص ربط إشكاليه وجود متأصل وفاعل للصحافة بعنصري التكوين المستمر و الارتباط الوثيق بالميثاق الأخلاقي المجسد لشرف المهنة ، ذلك بغية ا ثبات الذات أمام منافسة غير مشروعية من هوامش أصبحت تفرض نفسها في زمن اختلال القيم نتيجة التطور وسيطرة الصورة عوض القلم .
لذلك فان التراجع الملحوظ في الصحافة الورقية كصحافة تعتمد التحليل والخبر الرأي …مرتبط أساسا بتراجع المقروئية عموما ، وبالتالي تبقى ظاهرة تفريخ المؤسسات الإعلامية ، وتوسيع دائرة صناع المحتوى لهما انعكاس سلبي على مؤشر الثقة .
فالمقاولة الصحفية في حاجة الآن اكثر من أي وقت مضى إلى مراجعة هيكلية كتقوية الموارد ،والاستثمار ليس فقط في الخدمات المجتمعية والموارد البشرية ، بل في التركيز على الجانب الاقتصادي كشريان حياة أي قطاع، وهذا ما يجعله جزءا لصيقا بحياة أي مقاولة صحافية تريد أن ترتقي وتتصالح مع محيطها المجتمعي.
رغم كل الاجراءات التي انكبت الفيدرالية على تنزيلها ،لتقنين وتحسين الولوج إلى المهنة سواء بتخفيض ملحوظ من 5000 موقع إلى 800 موقع قانوني مهيكل ،أو تبني واعتماد إدارة إعلام القرب بفتح كتابات جهوية تعزز سياسية الجهوية المتقدمة ،و تبقى النواقص تحتاج فقط إلى جراءة ،ربما أي متتبع قد يلاحظ التقصير، فان النقاش حول تعديل بعض القوانين يحدها إطار منظم للصلاحيات المتعلقة بالحكامة أخلاقيات المهنة.
كما ان الضرورة تقتضي تنزيل تصور جديد لدعم عمومي منصف ومنسجم مع المرجعية الدولية الوطني ، مرجعية تأخذ بدعم التعددية والديمقراطية والتأثير والتأثر والتركيز على الانتشار لضمان إعلام حر متعدد ومسؤول.
الرهانات كثيرة والانتظارات تبقى مقيدة بالتزام الممارس لمدونة السلوك، من جانب اخر على الفيدرالية كمكون رئيسي في المجلس الوطني الا تخلف الموعد لإخراج الوضعية من غرفة الإنعاش بالالتزام والترافع في قبة البرلمان بصون حرية الصحافة وضمان المسؤولية كي تقوم بأدوارها المجتمعية بجراءة استثنائية.
من هذا المنطلق كل من زاويته مدعو إلى إلى منطق التوافق حول إصلاح هذا القطاع ، ونبد التردد والأنانيات الفارغة كونها بعيدة عن تلك الممارسات الفضلى، كونها ستكرس منسوب عدم الثقة بين الصحافة والمجتمع.
هل هناك فعلا إرادة حقيقية لتحصين السلطة الرابعة من كل ما يخدش مكانتها الرمزية ؟
فإلى أي حد سننجح في تحقيق المصالحة ورهان الجودة المطلوبة واستئصال ثقافة الانتهازية المتأصلة في أطراف عدة ؟
ذ . بوناصر المصطفى