Univers Bounaceur
فضاء الحوار ومنتدى الابداع

الشعب في المرآة

 الشعب في المرآة
مشاركة الموضوع

ذ عبد الرحمان الغندور

إلى صديقاتي وأصدقائي الذين طلبوا مني العودة للكتابة في السياسة بعد توقف قهري فرضه علي الإستشراء المتغول للرداءة والضحالة والسخافة التي تحاصرنا وتوقع بنا في شراكها ، ثقب في جدار الوهم .فجرنا نحن اليساريون كل طاقاتنا الفكرية والنقدية في التحليل ونقد كل شيء .ونالت منا الدولة والنظام السياسي النصيب الأكبر من التحليل العلمي بكل مناهج البحث السوسيولوجي والاقتصادي .ليكون النقد هو الخلاصات الكبرى لاجتهاداتنا وبالتالي انتقدنا المؤسسات والهياكل وادوات التسيير والتدبير .وانتقدنا الاحزاب والنقابات والجمعيات .وانتقدنا اليسار نفسه وشرحناه لدرجة جلد الذات وكل هذا التراكم النقدي كان من اجل الشعب .والجماهير الشعبية .التي تشكلها الطبقة العاملة والفلاحين والفقراء والمستضعفين والعاطلين وكل المقهورين على هذه الارض، من المهمشين والمشمكرين والمشرملين ،اذا استثنينا بعض الكتابات اليتيمة في نقد الشعب ونقد المجتمع مثل مانشره صديقنا (عبدالرحمان النوضة) منذ زمان غير يسير. فقد ظل هذا الشعب وحده وهذه الجماهير الشعبية تعلو فوق النقد ولم نخضعها لجرأتنا الواضحة والجريئة واعتبرناها جموعا مقدسة .ونحثنا لها اصناما في افكارنا نسجد لها ،ونسبح باسمها ونعادي من يعاديها، نحيالحياتها ونموت بموتها ولم نكتشف يوما انها اولى بالنقد بل هي ايضا من اهم العلل والاسباب لما نحن عليه كمواطنين بجميع شرائحنا الفقيرة والمتوسطة ونخبنا المتعلمة والمثقفة. فهذه الجماهير التي نتغنى بها هي نفسها التي تهرب من مواطنتها وتعاديها .وتعشق جهلها وتمجده .وتتبع الدجل وفقهاء الرقيات .وهذه الجماهير المقدسة هي نفسها التي تفتقد الشجاعة وتعشق الجبن وتستحلى الانصياع وهي ايضا التي تختزن اكبر منابيع الانتهازية والوصولية والتواطؤ والتآمر واتقان فنون الارشاء والارتشاء والتسول والاستجداءلكل شيء .والغش في المنتوجات الاستهلاكية الى الغش في الانتخابات والغش في تدبير الشان العام وماينتج عن ذلك من تبذير الثروات والطاقات والتلهف على( الساهلة والباردة) بجميع الوسائل التي لاتحفظ الكرامة وتحط من قيمة الانسان …الخ .
وهاهي التكنولوجيا بفضل هذا الغزو التواصلي تعرى لنا بالمكتوب والمصور والمسموع هذا الشعب الذي قدمناه عبر (التيك توكات) والقنوات الشخصية التي وجدها الجميع مطية سهلة لترويج الضحالة والرداءة في كل شيء من الدين الى السياسة الى المحاباة المجانية والعدائية المطلقة. لنكتشف أننا كنا نناضل من اجل وهم لانعرفه ولايستحق كل هذه التضحيات فجماهير كرة القدم اكبر من اي فعل مطلبي حزبي كان او نقابي بل ان الصراع القوى الشعبية المناصرة (للبارصا) وتلك التي تناصر( الريال) أكثر حدة من الصراع بين قوى التنوير وقوى الظلام واكبر من اي صراع طبقي وان شعب (الستاتي وحجيب والطراكس) مع احترامي للاذواق الفنية اقوى من شعب الكرامة والعنفوان والكبرياءواذا كان علينا ان ننتقد العقل اليساري مضمونا وقولا وممارسة فالعملية تبدأ من نقد مفاهيمنا عن الشعب والجماهير والطبقات الطليعية والقوى الشعبية ومفاهيم الريادة والقيادة …..الخ .
حين نبدأ بنقد الشعب ونقد مفاهيمنا عنه الى جانب كل ماتعلمناه من أشكال النقد الاخرى قدنستطيع الوصول الى بعض الملامح والبراديغمات الجديدة التي قد تقود الى طريق جديد لم يظهر لنا ونحن عاكفون على عبادة أوهام صنعناها وقدسناها .
عبد الرحمان الغندور .

0إعادة النظر

إقرأ أيضاً ...

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *