الحداثة ذلك القناع المزيف

في خطاباتنا ونقاشاتنا ، نستعير كلمات ومصطلحات تصلح فقط لبيع الوهم وتلميع صورة ما ،لكنها في الواقع تبقى بعيدة كل البعد عن مدلولها الحقيقي ، فالحديث عن المجتمع الحداثي او الاسلامي كخيارات فكرية، لا تعتد بالقيم المكونة لذلك الخيار أو ذاك لأن الالتزام بهذه القيم ضروري للغاية فإذا غابت ، فلا شيء يتحرك.
كثيرا ما نريد الإقتداء بالآخر وخاصة المجتمعات الغربية على اعتبار أنها نموذج في الحداثة والديمقراطية، لكن بكل تجرد ولسوء الحظ أدركنا اليوم أن الديمقراطية أكبر كذبة صدقها والمغفلون ،فالحداثة قناع لتمرير سياسات، تعرض فيها كل القيم لقانون العرض والطلب.
فكيف يمكن قبول وضع المرأة في مجتمعات تستغل فيها بأبشع الطرق، وتشيء كسلعة وفي المقابل ندعم أطرافا اخرى لتندد بالتحرش
انتفاضة نسائية دولية أطلقت على حركتها ” مي تو ” أي أنا كدلك ضد التحرش الجنسي انطلقت من مجرد اعتراف جريء وتغريدة على مواقع التواصل الاجتماعي بالتحديد من تويتر إلى حركة انتشرت كالنار في الهشيم و استطاعت بجرأة غير مسبوقة نزع الستار عن ظاهرة العنف الجنسي وخاصة في ميادين تصنف في دائرة الرقي والأناقة الفكرية ، كميدان السياسة و الأعمال والترفيه ، وتسببت هذه الناشطات في إقالة مجموعة من الشخصيات المتهمة بالتحرش الجنسي حيث اقتحمت الشرطة هدا المجال بسلسلة من التحقيقات.
تحولت دعوة أليسا ميلانو إلى انتفاضة نسائية عمت أرجاء العالم، وحركت المياه الراكدة بشأن موضوع ظل محاطا بكثير من الكتمان بحسب ما تقول الناشطات ألنسوة وطالبن جميع النساء لتوجيه الضوء وفتح صناديق الأسرار لقصص التحرش والاغتصاب والمعاناة ،التي تعرضن لها وسرد قصصهن مع المشاهير، لقي طلب ميلانو تفاعلا كبيرا وتضامن شكل استثناء ، حيث اصبح ينشر في كل القارات و بكل لغات العالم .
لم يقتصر التفاعل والمساندة على جنسهن ،بل تجاوزه إلى شباب دعموا هده الانتفاضة، لكن حملوا مسؤولية التحرش لأزمة تربية وأزمة قيم العري، كما كانت هده الحركة مصدر إلهام ليس فقط للنساء، بل كانت لها الفضل لبعض الرجال ايضا الذين قرروا تكسير حاجز ألصمت حيث أصبحت حركة ” مي تو ” أي أنا كذلك أسرع حركة تغيير اجتماعي مؤثر.
لم تخل هده الظاهرة من انتقادات ،رغم التفاعل والانتشار و التأثير الملفت اذ اعتبرت الممثلة الفرنسية كاترين دونوف، بأن الحركة أججت كراهية الرجال ووجهت مجموعة من النساء دعوة لنساء العالم الى الاعتماد على النفس وأن حق الرجل في قليل من التحرش وامرأة وهذا جزء أساسي من الحرية الجنسية .
يبقى هذا النقاش صحي في مجتمع يتفاعل باسم الحداثة وبمواضيع أنتجها واقع معين
فهل مجتمعاتنا جامدة لست لها مواضيع وأولويات ؟
وهل ستعيش مجتمعاتنا على استهلاك نقاشات تصدر إلينا باسم الحداثة؟
ذ . بوناصر المصطفى