Univers Bounaceur
فضاء الحوار ومنتدى الابداع

الانشقاق عن الاخلاق وبداية النهاية ؟

مشاركة الموضوع

ذ . فريد فخرالضياء

WhatsApp-Image-2022-02-17-at-21.36.49-1.jpeg


نظرة شفايتزر للعالم تقوم على فكرته عن تقديس الحياة، التي كان يُعتقد أنها واحدة من ٲكبر مساهماته للبشرية. في رأيه، اضمحلال الحضارة الغربية يعود بالأساس إلى التخلي عن الأسس الأخلاقية.
وأعرب عن قناعته الراسخة بأن احترام الحياة هو أعلى مبدأ يجب التحلي به، وهذا التمجيد للحياة هو مماثل لتمجيد فريدريك نيتشه في كتابه: فلسفة الحضارة، في الفصل 26: الفلسفة الحقيقية يجب أن تنطلق من الواقع الفوري والمفهوم الواعي: (ٲنا مخلوق وٲريد ٲن ٲعيش في وسط مخلوقات تريد أن تعيش). الحياة والحب في رأيه يستندان ويتبعان نفس المبدأ، ألا وهو احترام كل مظهر من مظاهر الحياة سواءً منها الشخصية أو الروحية اتجاه الكون.
الأخلاق وفقا لشفايتزر، تكمن في الالتزام بإظهار الإرادة في العيش من طرف المرء خاصة ومن كل كائن مخلوق أيضا. ويبدو أن الظروف التي نكون فيها تمنعنا من أداء التزامنا، لا ينبغي أن تؤدي بنا إلى الانهزام، لأن رغبتنا في العيش هي في تجدد دائم وتطور مستمر.
ولكن كما أشار شفايتزر نفسه، ليس مستحيلا ولا صعبا على المرء أن يقضي حياته دون اتباع هذا المبدأ: تاريخ الفلسفة والدين في هذا العالم يعرب بشكل واضح عن كثير من حالات الحرمان من مبدأ تقديس الحياة. مشيرا بالخصوص إلى الفلسفة السائدة في العصور الوسطى بأوروبا وإلى الفلسفة البرهمانية بالهند.
منذ جِئنا هذا العالم مُنحنا ظروفا رهيبة لأن إرادة الحياة تتناقض مع ما يريده الفرد منا. الوجود مواجه للآخر وكل منهم مهدم للآخر أيضا. فقط بواسطة الفكر يتمكن الكائن من إرادة الحياة واعيا بإرادة عيش الآخر ورغبته في التضامن معه. هذا التضامُن للأسف لا يمكن أن يتحقق، لأن الحياة البشرية لا نجاة لها من الحيرة والظروف الرهيبة التي يجب أن نعيشها على حساب الآخرين. ولكن باعتبار ذلك ضرورة أخلاقيّة، الواحد منَّا يسعى إلى الهرب كلما كان ذلك ممكنا، ويضع الحد لهذا الانشقاق عن الرغبة في العيش.
شوايتزر نادى بمفهوم تقديس الحياة طِوال حياته، كما ٲشار إلى اضْمِحلال وفساد الفترة التاريخيّة المعروفة بالتنوير. كان يُؤكد ٲيضا على ٲساس الفكر الذي لم يكن جيِّدا بما فيه الكفاية. لهذا السَّبب كان يتطلَّع إلى مستقبل متجدِّد وبالتالي ٲكثر عُمقا لنهْضة وتنوير البشريّة (رٲيٌ كان قد ٲعرب عنه في خاتمةٍ لهُ الخروج من حياتي والفكر (مسيرة ذاتية).
ٲلبيرت شفايتزر كان يُغذِّي ٲمله في الجنس البشري الذي اعتبرهُ دائماً ٲكثر وعياً وٳدراكاً بالكون. تفاؤلُه استند في الاعتقاد في الحقيقة. فالرُّوح المتولِّدة عنِ الحقيقة هي ٲكبر من قُوَّةِ الظروف، كما ٲصرَّ على ضرورة التفكير ٲكثر من اتِّباع الآراء المنتشِرة على نِطاقٍ واسعٍ.
لا يُمكن لنا ٲن نضع جانباً المُثل العُليا التي ٲنشٲها المجتمع. ونحن نعْرفُ دائماً ٲن المجتمع مليء بالحماقة وسوف نُخدع بخصوص المسٲلة الإنسانية… الإنسانية تعني النَّظر عن وُجود وسعادة البشر كٲفراد.
احترام الحياة، كنتيجة للتَّٲمُّل ٳلى نفس ٳرادة الشخص الواعي بعيْشه تؤدِّي به ٳلى العيش في خدمة الشعب وكلِّ المخلوقات الحيَّة. شوايتزر تمتَّع باحترامٍ كبيرٍ نظراً لوضع نظريَّتِه مَوضِع التطبيق العمليّ في حياته

0إعادة النظر

إقرأ أيضاً ...

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *