Univers Bounaceur
فضاء الحوار ومنتدى الابداع

اخيرا …عروض مصفاة ساميرمطروحة للبيع ؟

 اخيرا …عروض مصفاة ساميرمطروحة للبيع ؟
مشاركة الموضوع

ذ . بوناصر المصطفى

منذ سنة 2015، يطفو  بقوة مطلب إعادة تشغيل شركة لا سمير من  جراء الارتفاع المهول والغير المسبوق لأسعار المحروقات ، اذ اكدت الوزارة الوصية في ردها على اسئلة البرلمانيين إن ملف الشركة مركب تلقاء تراكم المشاكل بين المستثمر والدولة المغربية لأكثر من عشرين سنة، ترتب عنه توقف المصفاة وإحالة الملف على القضاء

لقد ارتبط مخاض مشروع لا سمير بقرار المغرب فتح أوراش اقتصادية في بداية الاستقلال : كالزراعة والتزود بالماء الشروب والصناعة والتجارة ، إلا أنه نتبه الى  مورد رئيسي ومحرك اساسي  في الدورة الاقتصادية  ويتعلق الأمر بتدبير قطاع الطاقة، فقررت حكومة آنذاك أحمد بلافريج، تأمين احتياجات المغرب من الطاقة عبر مصفاة وطنية

عانى المغرب أزمةَ طاقةٍ كبيرة بسبب تعطيل عمل مصفاة سامير منذ 2015، وذلك بعد تراكم الديون على الشركة بسبب سوء التدبير الذي رافق مرحلة خصخصة المؤسسة وبيعها للملياردير السعودي محمد الحسين العمودي، الذي أغرق الشركة وراكم أرباحاً وراءها بالمليارات.

 منذ مدة  عمدت الى المطال جهات نقابية وسياسية في المغرب إلى إعادة تشغيل مصفاة سامير الوحيدة في البلاد المتخصصة في تكرير وتجارة النفط، رغم دخولها مرحلة التصفية القاضية. 

تفيد المعطيات ان إنشاء صناعة وطنية للتكرير تابعة لقطاع العام رهان حكومة بلا فريج أحمد عن طريق اعتماد وزير الاقتصاد والزراعة آنذاك، عبد الرحيم بوعبيد و قيادة مشروع إنشاء مصفاة وطنية مغربية تسهم في تحقيق الأمن الاقتصادي والصناعي بالمغرب كبلد غير منتج للنفط، محاولة منه الغاء التبعية للخارج في استيراد النفط الخام ، هكذا بدأت فصول تأسيس “الشركة المجهولة الاسم المغربية الإيطالية للتكرير أو المعروفة اختصارا “سامير”

وتحت تزايد الطلب الداخلي لجأت الحكومة المغربية إلى البحث عن شركاء لتأسيس الشركة، فكانت  الشركة الإيطالية المتخصصة في البتروكيماويات الشريك الاول ،فكان الهدف المتفق بشأنه في البداية  هو الرفع من سقف الانتاج ، بعدها تم إدراج كفاءات مغربية للتحكم ونقل الخبرات من الشركة الايطالية في أفق تسيير الشركة بسواعد مغربية أصيلة. 

في إطار سياسة المغربة، بهدف تحكم أفضل في تقلبات الأسعار في السوق الدولية، تحولت الشركة المجهولة الاسم المغربية لصناعة التكرير ،حيث استمرت في الانتاج وتزويد السوق المغربي ،والطلب الداخلي بالمنتجات النفطية، إلى حدود سنة 1973 ،عندما  قررت الدولة المغربية  في نفس السنة الى تأميم رأس مال لا سامير،

عين الملك الراحل الحسن الثاني في مرحلة التأسيس هذه عبد الرفيع منجور، مديرا عاما على الشركة سنة 1974، ما أسهم في توسيع المصفاة وزيادة في نسبة الطاقة الاستيعابية للتخزين إذ بلغت 4 ملايين طن، الدافع الى توسعة  المشروع ببناء وحدة لتكرير الزيوت الأساسية في سنة 1984  بقدرة إنتاجية سنوية تناهز 125 ألف طن، وهي عبارة عن مجمع لتشحيم الزيوت، وبفضله وسعت الشركة أنشطتها في مجال التكرير بتنويع تشكيلة منتجاتها التي تشمل البروبان والبوتان والبنزين بنوعيه، والكيروزين ووقود الديزل زيت الوقود والزيوت الأساسية، والزفت والشمع والمنتجات الصناعية الأخرى 

سارت وثيرة تطوير الشركة بشكل  جيد ، حتى احتلت مكانة مرموقة  من بين المؤسسات العامة الناجحة ، حيث كان ناتج استغلال الشركة في مطلع التسعينات يتراوح ما بين 7 و7.5 ملايير درهم، في حين كان الدخل السنوي الصافي نحو 600 مليون درهم

مع الاسف اضطر المغرب نتيجة الازمات الخانقة كالجفاف ،والديون التي اثقلت كاهل الدولة الى الدخول في عملية خصخصة مؤسساته العمومية الأفضل مردودية، من بينها مصفاة المحمدية و بيعها عام 1997 لفائدة مجموعة سويدية سعودية لمستثمر سعودي محمد العمودي. 

لم يكن الهدف من عملية خصخصة شركة سامير  الا لتطوير الشركة وتنمية النشاط الصناعي، غير أن بعد سنوات من عملية الخصخصة هذه،  فقد فتحت الدولة رأسمال الشركة وشرعت في نهج  أضخم عملية لطرح الأسهم في تاريخ بورصة الدار البيضاء، بالإضافة إلى إدراج الشركة وفتح رأسمالها للعموم والمستثمرين المؤسسيين عن طريق اكتتاب في مارس 1996، والذي كان يرمي إلى توسيع ملكية أسهم الشركة ودخول مجموعة من حملة الأسهم.

الا انه بدأت تظهر عيوب في التسيير، بعد سنوات من تولي المجموعة السويدية السعودية  لمالكها العمودي نتيجة عدم احترم الالتزامات التعاقدية ، فأدخلت المصفاة في دوامات من الأزمات المالية والأخطاء التدبيرية انتهت بسقوطها وتوقيف الإنتاج في غشت ،هذا ما افادت به جمعية الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول. 

لكن الإفلاس والضربة القاضية ،بعد توقف الإنتاج بالمصفاة المغربية للبترول في غشت 2015، نتيجة إعلان إدارة شركة سامير تعليق الإنتاج ،وكذا لجوء إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة بتبليغ كل الابناك والشركات بإشعار غير الحائز، في هذه المحطة بالذات سيلج الملف ردهات المحكمة التجارية التي قضت ابتدائيا في 21 مارس 2016 واستئنافيا في 1 يونيو 2016 بالتصفية القضائية ، لكن مع الإذن باستمرار النشاط، بمبرر الاختلالات المالية بشكل لا رجعة فيه ،وتجاوز الخصوم بكثير لأصول الشركة وتوقفها عن الدفع  فكان دخول الملف متاهات المحاكم وطنيا ودوليا سيسم  مسار الملف برمته بالتعقيد.  

أرخت هذه الازمة والمعوقات  بانعكاساتها سنة 2008 بعد  توقيف تكرير البترول في سيدي قاسم ثم  في المحمدية  بعد ذلك ، اذ  تعود بالأساس اسباب هذه الازمة الى  المسؤولية المشتركة بين مؤسسات الدولة في شروط  هذه الخصخصة المجحفة والتقصير في المراقبة وعدم التدخل في الوقت المناسب. ان تنكر المستثمر من التزاماته وبفعل سوء التدبير والتسيير وتحويل أرباحها قبل تحقيقها كل هذا  عجل  بتفقير أصول الشركة ، الا ان قرار الدولة  برفع الدعم عن المواد البترولية وتحرير الأسعار في نهاية 2015 ، واستغلال الموزعين للفرصة  قد عمق من شروط الاختلال في تزويد السوق الوطنية وفتح المجال أمام المتحكمين في السوق لتطبيق الأسعار التي لا علاقة لها بالسوق الدولية. 

 توقف تكرير البترول بالمغرب جاء نتيجة طبيعية لقرار تصفية شركة سامير وتحرير أسعار المحروقات في نهاية سنة 2015.

في ظل السياق العالمي الموسوم بالتضخم وارتفاع أسعار الطاقة وتجاوز كل المعيقات والاحتمال الكبير لانقطاع واضطراب الامدادات بسبب الحرب المفتوحة في أوكرانيا وندرة النفط الخام وقلة العرض من المواد البترولية الصافية، ورغبة في تأمين الحاجيات الوطنية من الطاقة البترولية ،أمام احتمال كبير للاضطراب في التزود المنتظم و انفجار أسعار الغاز والمشتقات البترولية التي تشكل أكثر من 50% في السلة الطاقية الوطنية، تصبح  المطالبة بالمحافظة على المكاسب التي توفرها شركة سامير امرا اشد الحاحا  لفائدة المغرب والمغاربة للحد من الأثار السلبية لارتفاع أسعار المحروقات وانعكاساتها على  كلفة النقل والتنقل، وكل ما قد يترتب عنه من إنهاك القدرة الشرائية لعموم المواطنين وتهديد السلم الاجتماعي.

جاء خضوع الشركة  لإجراءات التصفية القضائية عام  2016بسبب تراكم ديونها وعجزها على الوفاء بالتزاماتها وتمّ تمديد قرار التصفية عامين بعد ذلك ، ليشمل الممتلكات الشخصية لمسؤوليها السابقين، وهم رئيس مجلس الإدارة محمد حسين العمودي، والمدير العام جمال محمد باعمر، وأربعة مديرين، هم: بسام فيليكس أبوردين، وجاسون ميلازو، ولارنس نيلسون، وجورج سالم، وكلهم  كانوا متواجدين خارج البلاد، كما أيّد القضاء سقوط أهليتهم التجارية لمدة 5 سنوات

في ظل هذه الاوضاع  لم يبق للقضاء المغربي الا ان اعلن عن فتح باب تلقّي العروض لشراء الشركة المختصة في تكرير النفط  سامير الخاضعة للتصفية القضائية، بسعر افتتاحي يناهز 21 مليار درهم لكن كل العروض التي تلقتها لأول مرة عام 2017، سواء عروض محلية وأجنبية ، لم يتم قبول أي منها في حينه

لذلك جاء اعلان المحكمة التجارية بمدينة الدار البيضاء؛ لإخبار الراغبين في شراء الشركة وأصولها بدون ديونها، أن يقدّموا عروضهم خلال فبراير إلى المحكمة مع وثائق تخص توقعات النشاط والتمويل، والثمن وكيفية سداده وتاريخ إنجازه، ومستوى التشغيل وآفاقه، والضمانات المُقدّمة لتنفيذ العرض.

اهمية شركة سامير لا تكمن في قدرتها على حل مشاكل وازمة الطاقة بالمغرب، بل بكونها المصفاة الوحيدة في المملكة لتكرير البترول بمدينة المحمدية بقدرة إنتاجية 10 ملايين طن سنوياً، وهو ما يكفي لتغطية 67% من حاجيات البلاد من المواد البترولية  الغازوال، البنزين، بالإضافة الى مشتقات اخرى كالفيول، وقود الطائرات، الإسفلت ، إضافة إلى قدراتها  التخزينية لمدة 71 يوماً من هذه المواد

شركة توزيع الوقود والمحروقات (SDCC)  هذا دون ان ننسى قائمة أصول “سامير والتي تضم شركات ة نقل المواد البترولية (TSPP)، وفندق “بيرس نيغ” (PERCE NEIGE) و60% من شركة الجرف للتخزين (JPS)،” (SALAM GAZ)، و50% من شركة “أفريكبيتوم” (AFRICBITUMES)، و38% من “الشركة المغربية لتخزين الغاز” (SOMAS)، إضافة إلى مجموعة من العقارات والمنقولات

هل الدولة تتوفر على استراتيجية طاقية حقيقية بعد هذه التجربة المريرة ؟

الى أي حد كانت محاولات الدولة كانت بريئة وصادقة  لإنقاذ شركة لا سامير من السقطة ؟

لماذا لم تلجاء الدولة الى حلول  بديلة :

قرار القاضي بكراء خزانات الشركة ؟.

عرض اسهم الشركة على الاكتتاب مادام هناك وعي شعبي بثقل وزن هذا الشركة في الاقتصاد الوطني ؟

0إعادة النظر

إقرأ أيضاً ...

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *