Univers Bounaceur
فضاء الحوار ومنتدى الابداع

اختيار المغرب التوجه نحو جنوب شرقي آسيا رؤية سديدة لتنويع شراكاته الاقتصادية ؟

 اختيار المغرب التوجه نحو جنوب شرقي آسيا رؤية سديدة لتنويع شراكاته الاقتصادية ؟
مشاركة الموضوع

ذ . بوناصر المصطفى :

عانى المغرب في علاقاته بالاتحاد الأوربي فترات  يغلب عليها جو من التوتر المفتعل ،اثر في كثير من الاحيان على وضعه الاقتصادي ،ونتيجة للتحولات الدولية التي بدأت تلوح في افق العقد الأول من القرن الواحد والعشرين ،اطلق المغرب استراتيجية  لفك جزئي لارتباط اقتصاده بالقارة العجوز رغبة في تنويع شراكاته التجارية وذلك بالتوجه نحو قوى اقتصادية مثل روسيا والصين، إلى أن حصل على اتفاق مبدئي لنيل وضع “شريك الحوار القطاعي” لدى رابطة دول جنوب شرق آسيا  “أسيان ” فكان المغرب اول دولة افريقية تحصل على ذلك الوضع، وبالتالي سيمكنها ذلك من تطوير صناعاتها وكسب أسواق جديدة لمنتجاتها، إضافة إلى تبادل الخبرات والاستفادة من تجارب “النمور الاسيوية” في مجالات عدة.

ان اختيار المغرب للتوجه نحو جنوب شرقي آسيا منطلق من رؤية تسير وفق تطلعاته الاستثمارية والاقتصادية الجديدة، وحسب ما تمليه توجهاته الاقتصادية والاستراتيجية الحالية التي بنيت على مبدأ تنويع الشراكات، خصوصاً بعد توالي الأزمات الأخيرة لجائحة كورونا وموجات التضخم وتأثر اقتصاده بالاقتصاد الأوروبي وجراء الارتباط الذي كان بينهما، فصار توجه حثيث ليس لفك الارتباط مع الاتحاد الأوروبي وإنما لتعزيزه، وبالموازاة مع ذلك تشجيع تنويع الشركاء.

منذ نهاية عام 2020 اعتمد المغرب سياسة واقعية في علاقاته الدولية اذ كان اعتراف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بمغربية الصحراء، كانت الشارة التي دفعت بعض الدول إلى تبني توجه يدعم المغرب في قضية صحراءه، توجه بادرت اليه كل من إسبانيا وألمانيا، لكن الاتحاد الأوروبي لم يستجب للمطلب المغربي الخاص ورفض توضيح موقفه من نزاع الصحراء، الأمر الذي حدا بالمملكة إلى اعتماد توجه توسيع وتنويع دائرة علاقاتها الديبلوماسية والتجارية، باحثة عن أسواق جديدة لتقوية مبادلاتها التجارية.

في إطار تنويع هده العلاقات توجه المغرب في هدا الباب نحو الصين ونسبيا نحو روسيا، كما اعتمد شراكات قوية مع عدد من الدول العربية في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة الى إطلاق سياسة التغلغل في السوق الأفريقية في حين   أن جنوب شرقي آسيا، تبقى بوابة أخرى تحتاج المملكة الاستفادة من تجربة هده الدول، تلك التجربة الرائدة في تسعينيات القرن الماضي التي دفعت دولاً مثل ماليزيا وسنغافورة وإندونيسيا إلى الواجهة”.

في إطار طموح المغرب لخلق شراكة وتبادل للخبرات مع الشركاء الجدد وسعيه إلى تأسيس نموذجه التنموي الجديد بشكل تدريجي بناء على التجارب ناجحة لتلك الدول، ودوافع تشجع على السير قدما في التعاون الاستثماري بين المملكة وهذه الدول في قطاعات متعددة متعلقة بمجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا وصناعة السيارات، مع ان المغرب كان دائما في سعى إلى ترسيخ مكانته كأحد كبار مصنعي السيارات، إضافة إلى اقتحام صناعة السيارات الصديقة للبيئة.

اذ تشكل الاقتصادات الآسيوية المتطورة نموذجاً مهماً يمكن أن يستفيد منه المغرب من حيث تطوير خبراته الصناعية والتكنولوجية، إضافة إلى حجم تلك السوق التي بإمكان المملكة استغلالها في ترويج منتجاتها، وبحسب وزارة الخارجية المغربية فإن الرباط “اقترحت في فبراير (شباط) 2018 خطة عمل تعاونية تستهدف مجالات التعاون ذات الاهتمام المشترك التي من شأنها أن تسهم في رؤية آسيان، بحلول 2025، وقد تم تحيين خطة العمل هذه في فبراير 2023، مع أخذ التطورات التي حدثت منذ ذلك الحين في الاعتبار، لا سيما التداعيات المرتبطة بوباء كوفيد-19″، مضيفة أن تلك الشراكة “فرصة لتعاون جوهري قائم على مقاربة رابح-رابح” وأن المملكة أعربت عن استعدادها لتبادل خبراتها وتجاربها مع الدول الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا في المجالات التي تحظى فيها المملكة باعتراف دولي من قبيل الفلاحة والأمن الغذائي والصيد البحري ومكافحة التلوث البحري والتجارة وإنعاش الاستثمار والسياحة والتعليم.

لقد مكن الاتفاق الجديد المغرب من تعزيز وجوده في منطقة “آسيان”، إضافة إلى الاستفادة من الفرص المتاحة من طرف الاقتصاد الآسيوي على أساس تبادل المنافع الاقتصادية وتعميق مجالات التعاون، رغم وجود تشابه بين طبيعة الاقتصادات الآسيوية والاقتصاد المغربي في الاعتماد على التصنيع من أجل خلق التنمية

 فالشراكة الجديدة بين المغرب ودول جنوب شرق آسيا ستجعل من المملكة بلداً له شراكات مع جل التكتلات الاقتصادية المهمة عبر العالم، كونه يشكل

المغرب فرصة اقتصادية جديدة لدول جنوب شرق آسيا ومنصة لوجستية وصناعية وتجارية موجهة نحو العمق الأفريقي، ومحطة تقدم فرصاً استثمارية واعدة لكل الشركاء صينيين غربيين نظرا لعامل القرب الجغرافي من الأسواق الكبرى وقرب المواد الخام، وبالتالي فالمغرب يقدم بدوره مجموعة من الامتيازات الاستثمارية للدول الآسيوية ومن المتوقع أن تكون تلك الشراكة واعدة جداً بين الجانبين.

0 Reviews

إقرأ أيضاً ...

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *