Univers Bounaceur
فضاء الحوار ومنتدى الابداع

أي دور للمثقف في ظل ازمة المؤسسات وتعطيل التنمية؟

 أي دور للمثقف في ظل ازمة المؤسسات وتعطيل التنمية؟
مشاركة الموضوع

بوناصر المصطفى :

في عالم تسارعت وثيرة التحولات كما وتعقيدا ، ازدادت حاجتنا الى خطاب ثقافي موجه أقرب ومؤثر يرسخ مفاهيم فكرية واجتماعية وقدرات جديدة تواكب هده التحولات، الا انه لوحظ نوع من الخواء الفظيع سببه غياب وتغييب المثقف الشيء الدي مطط الفجوة بينه وأفراد مجتمعه.   

عادة ما تكون الازمة بين المثقف ومحيطه  نتيجة سوء التواصل بين المثقف  والمتلقي في عزلة بناها بعيداً عن مجتمعه، قد تكون باستخدامه لمصطلحات غامضة، تجعل خطابه غير ذي جدوى، او عبر بدل مجهود اكبر في نزاع مع الزمن، مما يجعله منفصلا عن واقعه و أقل ارتباطاً بهمومه بسبب مواكبته للتطور السريع وتوارد الكم المعرفي الهائل من المعلومات ، فتنعزل النخب المثقفة في مختبراتها البعيدة عن المجتمع هده العزلة تكرسها استغلال بعض المثقفين لتلك لسلطة الرمزية فتخلق التنافر وتفقد الثقة في هده الفئة بقيم  تناسبية نضع المثقف بين الغياب والتغييب.

فالمثقف له دور محوري وحيوي في حل المعادلات ومواجهة الأزمات المجتمعية، والاشكاليات الفكرية باستخدام قدراته الفكرية والإبداعية لبناء الاستراتيجيات التنموية في مختلف المجالات مع بحث متواصل عن معارف وإنتاجها بهدف التوصل إلى حل المعادلات ووضعها في سياق خاص مع مصالح المجتمع اما لتخليصه أعباء واشكاليات، وتوجيهه باتجاه مصالحه الفعّالة الحقيقية لترفع مستواه نحو حياة أفضل، الا ان هدا الدور لن يكتمل الا بالدخول في خطاب مباشر مع المجتمع باعتباره مصدرا هامًا للتوجيه والمعرفة والتثقيف.

فاذا كان للمثقف هده الوظائف الاساسية تفرض عليه القيام بها على أحسن وجه وتحمل هدا العبء والمهمة العسيرة، قد نتساءل، عن سبب غيابه عن المشهد الوطني وعن كل محيط؟

وأين دلك الريادي الملامس للواقع المحسوس؟، لاسيما في ظل الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي اكيد ان الامور ليست على ما يرام !؟

مما لا شك فيه ان للمثقف حضور كدلك في توقع الازمات والا تنحصر قوته الاقتراحية، على النقد والتنديد والوعيد فقط، او بناء قطيعة مع السياسة وترك دار لقمان على حالها، لأنها رؤية عقيمة وغير ذات جدوى بل تضيع فيها كل الآمال والنتائج.  

فمهمة نقد وتقييم السياسات ورصد كل الممارسات السلبية هي ضرورية لتحفيز التغيير بوجهات نظر تلائم كل الفئات، وببناء جسور التواصل والحوار بين الناس بغية تشكيل رأي عام يراعي اختلاف المشاعر وافكار وقيم في كل فئات المجتمع.  

عصرنا هذا هو زمن التفاعل الإيجابي لا زمن التقاعس!  زمن تبنى فيه الرؤى لترصد التكتلات والاتحادات   لتكون حافز لتنافس اقتصادي يقوي الحضور الدولي والمناعة في جبهات الصراع حول المصالح الجيوستراتيجية الفيصلية خصوصا في منطقتنا العربية، خصوصا حين تطفو الاحتجاجات وثورات الشعوب ضد الظلم والطغيان بسبب الفساد واهدار المال العام.

فالضرورة تقتضي وضع مقاربة لبناء ثقة في المؤسسات والتركيز ان الوطن حضن للجميع حتى لا يستغل السياسيون تلك الفوضى لدعم المثقفين الزائفين وإنشاء مؤسسات ووظائف حكومية مشكوك في نزاهتها هدفها تزييف الحقائق والانكباب لخدمة مصالح شخصيات وأحزاب سياسية معينة، على حساب مصالح المجتمع وأفراده أنفسهم كل هذا خلق مشاكل سوسيولوجية أو اجتماعية عميقة، جعلت المجتمع مجرد معبد صوفي، لا يتردد في محاربة أي خطاب ثقافي عقلاني حقيقي موجه له وان أي خطاب واقعي هو مجهود مستنزف ووهمي.  

لدا فأولوية الأوليات لابد ان تنطلق من الإرادة الفعلية في إعادة الثقة في مكونات الدولة وحاجة الفرد النفسية لليقين والاستقرار، بمحاربة كل اوصال الفساد وتبذير المال العام مع وضع مرصد لهذه الظاهرة الخطيرة من أجل إضعافها ومن تم استئصالها، مما سيسهم في سن سياسة ترشيد نفقات الدولة وكل الميزانيات الوزارية والقطاعية، وأيضا رواتب أعضاء المجالس الاستشارية والصناديق السوداء … وبالتالي، مغالبة العجز المالي الذي يتخطى حزمة الملايين من الدرهم

كما ان أي تنمية تبدأ باتخاذ الإجراءات العملية والوقائية ضد الثالوث السالب: الأمية والفقر والعطالة، وكلها بؤر متلازمة فيما تغذيه إفساد أي استحقاق انتخابي يعتمد فاعلين زائفين يحط استشراءه من قيمة الديمقراطية نفسها وفعاليتها، ويعرقل التنمية بخرق سافر لكل معاهدات حقوق الإنسان.

فكيف ترود التنمية ونراهن عليها في غياب المثقف وتغييبه وانعدام رؤية مجتمعية واضحة تصبح المحصلة سلبية في تتعارض فيها مصالح الفرد مع مصالح المجتمع السياسية والاقتصادية فيطلق العنان لحاجات غريزية؟

من هدا المنطلق على كل الفاعلين في المجتمع من الفئة المثقفة بالاشتغال بجد وعمق من بعيدا عن النظريات والخطابات كي يعي أفراد المجتمع اهمية وجودها وتحدد كينونتها ليزول التنافر وتنكب على حلول فعلية تفرز المثقف الحقيقي من الزائف فيتفرغ مواجهة التحديات الخارجية باستراتيجية وطنية متأصلة مدركة لحجمها.

فاي مخاض في غياب وعي متطابق مع شروط التنمية ؟

وهل يمكن الحسم في غياب المثقف او تغييبه ؟

ذ  . بوناصر المصطفى

0 Reviews

إقرأ أيضاً ...

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *